المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

10- إن الذين كفروا يُنادون : لكراهة الله وبُغضه لكم أكبر من كراهتكم أنفسكم التي أوردتكم موارد العذاب ، حين كنتم تدعون إلى الإيمان مرة بعد مرة فتسارعون إلى الكفر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

وكعادة القرآن الكريم فى قرن الترغيب بالترهيب أو العكس : جاء الحديث بعد ذلك عن الكافرين . مبينا انقطاعهم عن كل من يشفع لهم ، أو يدعو لهم بخير - كما دعا الملائكة للمؤمنين - فقال - تعالى - :

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ . . . } .

المقت أشد أنواع البغض والغضب . يقال : مقته مقتا ، إذا غضب عليه غضبا شديدا ، ومنه قوله - تعالى - { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النسآء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً } والمنادى لهؤلاء الكافرين : هم الملائكة خزنة النار ، أو المؤمنون . وهذا النداء إنما يكون يوم القيامة ، يوم توفى كل نفس ما كسبت .

أى : إن الذين كفروا بعد أن أحاطت بهم النار ، وبعد أن عادوا على أنفسهم بأشد ألوان الندامة والحسرة والمقت . لإيثارها الكفر على الإِيمان .

بعد كل ذلك { يُنَادَوْنَ } بأن يقال لهم : إن مقت الله - تعالى - لكم بسبب إصراركم على الكفر حتى هلكتم . . أشد وأعظم من مقتكم لأنفسكم مهما بلغ مقتكم لها وكراهيتكم لها .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله { يُنَادَوْنَ } المنادى لهم الخزنة أو المؤمنون يقولون إعظاما لحسرتهم : { لَمَقْتُ الله أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } وهذا معمول للنداء لتضمنه معنى القول ، كأنه قيل : ينادون مقولا لهم : لمقت . . ومقت مصدر مضاف إلى الاسم الجليل : إضافة المصدر لفاعله ، وكذا إضافة المقت الثانى إلى ضمير الخطاب . .

وقوله - سبحانه - : { إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمان فَتَكْفُرُونَ } تعليل لمقت الله أى : لغضب الله - تعالى - عليكم ، أشد من غضبكم على أنفسكم الأمارة بالسوء وذلك لأنكم جاءتكم دعوة الحق على ألسنة رسلكم ، فأعرضتم عنها وصممتم على الكفر والفسوق والعصيان ، حتى أدرككم الموت ، وها أنتم اليوم تجزون ما كنتم تعملونه فى الدنيا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار : أنهم يُنَادَون يوم القيامة وهم في غَمَرات النيران يتلظون ، وذلك عندما {[25443]} باشروا من عذاب الله ما لا قِبَل لأحد به ، فمقتوا عند ذلك أنفسهم وأبغضوها غاية البغض ، بسبب ما أسلفوا {[25444]} من الأعمال السيئة ، التي كانت سبب دخولهم إلى النار ، فأخبرتهم الملائكة عند ذلك إخبارا عاليا ، نادوهم [ به ] {[25445]} نداء بأن مقت الله لهم في الدنيا حين كان يُعرض عليهم الإيمان ، فيكفرون ، أشد من مقتكم أيها المعذبون أنفسكم اليوم في هذه الحالة .

قال قتادة في قوله : { لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } يقول : لمقتُ الله أهل الضلالة حين عُرض عليهم الإيمان في الدنيا ، فتركوه وأبوا أن يقبلوه ، أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة {[25446]} .

وهكذا قال الحسن البصري ومجاهد والسدي وذَرُّ بن عبد الله {[25447]} الهَمْداني ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن جرير الطبري ، رحمهم الله .


[25443]:- (3) في أ: "بعدما".
[25444]:- (4) في ت، س: "أسلفوه".
[25445]:- (5) زيادة من ت، أ.
[25446]:- (6) في أ: "عذاب الله في يوم القيامة".
[25447]:- (7) في س: "عبيد الله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

{ إن الذين كفروا ينادون } يوم القيامة فيقال لهم : { لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم } أي لمقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم الأمارة بالسوء . { إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } ظرف لفعل دل عليه المقت الأول لا له لأنه أخبر عنه ، ولا للثاني لأن مقتهم أنفسهم يوم القيامة حين عاينوا جزاء أعمالهم الخبيثة إلا أن يؤول بنحو : بالصيف ضيعت اللبن . أو تعليل للحكم وزمان المقتين واحد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوۡنَ لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡ إِذۡ تُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلۡإِيمَٰنِ فَتَكۡفُرُونَ} (10)

ثم أخبر تعالى بحال الكفار وجعل ذلك عقب حال المؤمنين ليبين الفرق ، وروي أن هذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار ، فإنهم إذا أدخلوا فيها مقتوا أنفسهم ، أي مقت بعضهم بعضاً . ويحتمل أن يمقت كل واحد نفسه ، فإن العبارة تحتمل المعنيين ، والمقت هو احتقار وبغض عن ذنب وريبة . هذا حده ، وإذا مقت الكفار أنفسم نادتهم ملائكة العذاب على جهة التوبيخ ، فيقولون لهم : مقت الله إياكم في الدنيا إذ كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون { أكبر من مقتكم أنفسكم } اليوم ، هذا هو معنى الآية ، وبه فسر مجاهد وقتادة وابن زيد . وأضاف المصدر إلى الفاعل في قوله : { لمقت الله } والمفعول محذوف لأن القول يقتضيه . واللام في قوله : { لمقت } يحتمل أن تكون لام ابتداء ، ويحتمل أن تكون لام القسم ، وهذا أصوب . و : { أكبر } خبر الابتداء ، والعامل في : { إذ } فعل مضمر تقديره : مقتكم إذ ، وقدره قوم اذكروا ، وذلك ضعيف يحل ربط الكلام ، اللهم إلا أن يقدر أن مقت الله لهم هو في الآخرة ، وأنه أكبر من مقتهم أنفسهم ، فيصح أن يقدر المضمر اذكروا ، ولا يجوز أن يعمل فيه قوله : { لمقت } لأن خبر الابتداء قد حال بين المقت و { إذ } ، وهي في صلته ، ولا يجوز ذلك .