ثم حرضهم - سبحانه - على الاستمرار فى اتباع توجيهات هذا الدين القيم فقال : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ واتقوه وَأَقِيمُواْ الصلاة } .
قال القرطبى : وفى أصل الإِنابة قولان : أحدهما ، أنه القطع . ومنه أخذ اسم الناب لأنه قاطع ، فكأن الإِنابة هى الانقطاع إلى الله - عز وجل - بالطاعة . والثانى : أن أصله الرجوع ، مأخوذ من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد أخرى ، ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة ، ولفظ { مُنِيبِينَ } منصوب على الحال .
والمعنى : أقيموا وجوهكم - أيها الناس - لخالقكم وحده ، كونكم راجعين إليه بالتوبة والطاعة ، ومقبلين إليه بالاستغفار والعبادة ، ومتقين له فى كل أحوالكم ، ومداومين على إقامة الصلاة فى أوقاتها بخشوع واطمئنان .
{ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين } المبدلين لفطرة الله - تعالى - المتبعين لأهوائهم وشهواتهم .
وقوله : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } قال ابن زيد ، وابن جُرَيْج : أي راجعين إليه ، { وَاتَّقُوهُ } أي : خافوه وراقبوه ، { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } وهي الطاعة العظيمة ، { وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } أي : بل من الموحدين المخلصين له العبادة ، لا يريدون بها سواه .
قال ابن جرير : [ حدثنا ابن حُمَيد ]{[22844]} ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن يزيد{[22845]} بن أبي مريم قال : مر عمر ، رضي الله عنه ، بمعاذ بن جبل فقال : ما قوام هذه الأمة{[22846]} ؟ قال معاذ : ثلاث ، وهن [ من ]{[22847]} المنجيات : الإخلاص ، وهي الفطرة ، فطرة الله التي فَطرَ الناس عليها ، والصلاة وهي الملة ، والطاعة وهي العصمة . فقال عمر : صدقت .
حدثني يعقوب ، حدثنا ابن عُلَيَّةَ ، حدثنا أيوب ، عن أبي قِلابة : أن عمر ، رضي الله عنه ، قال لمعاذ : ما قوام هذا الأمر ؟ فذكره نحوه{[22848]} .
{ منيبين إليه } راجعين إليه من أناب إذا رجع مرة بعد أخرى ، وقيل منقطعين إليه من الناب وهو حال من الضمير في الناصب المقدر لفطرة الله أو في أم لأن الآية خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والأمة لقوله : { واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين } غير إنها صدرت بخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيما له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.