ثم قال - تعالى - { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } أى : أولئك الأنبياء الذين ذكرناهم لك - يا محمد - هم الذين هديناهم إلى الحق وإلى الطريق المستقيم فبهداهم ، أى : فبطريقتهم فى الإيمان بالله وفى تمسكهم بمكارم الأخلاق كن مقتديا ومتأسيا .
والمقصود إنما هو التأسى بهم فى أصول الدين ، أما الفروع القابلة للنسخ فإنهم يختلفون فيها ويجوز عدم الاقتداء بهم بالنسبة لها قال - تعالى - { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } وتكرير اسم الإشارة لتأكيد تمييز المشار إليه ، ولما يقتضيه للتكرير من الاهتمام بالخبر .
وفى قوله { فَبِهُدَاهُمُ اقتده } تعريض بالمشركين إذ أن النبى صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا على سنة الرسل كلهم وأنه ما كان بدعا منهم ، أما هم فقد اختلقوا لأنفسهم عبادات ما أنزل الله بها من سلطان .
ثم ختم الله - تعالى - هذا السياق بقوله : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } أى : قل أيها الرسول الكريم لمن بعثت إليهم لا أطلب منكم على ما أدعوكم إليه من خير وما أبلغكم إياه من قرآن أجرا قليلا أو كثيرا .
{ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذكرى لِلْعَالَمِينَ } أى : ما هذا القرآن إلا تذكيرا وموعظة للناس أجمعين فى كل زمان ومكان .
قال بعضهم : وفى الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الجن والإنس وأن دعوته قد عمت جميع الخلائق .
ثم قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم : { أُولَئِكَ } يعني : الأنبياء المذكورين مع من أضيف إليهم من الآباء والذرية والإخوان وهم الأشباه { الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } أي : هم أهل الهداية لا غيرهم ، { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ } أي : اقتد واتبع . وإذا كان هذا أمرا للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأمته تبع له فيما يشرعه [ لهم ]{[10954]} ويأمرهم به .
قال البخاري عند هذه الآية : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام ، أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني سليمان الأحول ، أن مجاهدا أخبره ، أنه سأل ابن عباس : أفي( ص ) سجدة ؟ فقال : نعم ، ثم تلا { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ } إلى قوله : { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ } ثم قال : هو منهم - زاد يزيد بن هارون ، ومحمد بن عبيد ، وسهل بن يوسف ، عن العوام ، عن مجاهد قال : قلت لابن عباس ، فقال : نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أُمِرَ أن يَقْتَدي بهم{[10955]}
وقوله : { قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } أي : لا أطلب منكم على إبلاغي إياكم هذا القرآن { أَجْرًا } أي : أجرة ، ولا أريد منكم شيئا ، { إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } أي : يتذكرون به فَيُرْشَدُوا من العمى إلى الهدى ، ومن الغي{[10956]} إلى الرشاد ، ومن الكفر إلى الإيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.