الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰلَمِينَ} (90)

قوله تعالى : { أولئك الذين هدى الله } الآية [ 91 ] .

المعنى : أن { أولئك } إشارة إلى من تقدم ذكره من النبيين ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهداهم ، ويسلك طريقهم{[20760]} ، والاقتداء : الاتباع{[20761]} . والمراد : اتّباعهم على ما كانوا عليه من الإسلام والتوحيد ، لا ما كانوا عليه من الشرائع ، لأن شرائعهم كانت مختلفة ، وغير جائز أن يؤمر النبي باتباع ( شرائع ){[20762]} مختلفة . ولا يمكن ذلك ، لأن ما حرم ( عليهم ){[20763]} في شريعة نبي ، أُحِلَّ{[20764]} في شريعة نبي آخر ، فكيف يَقْدِر النبي صلى الله عليه وسلم على اتباع ذلك ؟ ، والعمل بالشيء وضده – في حال هذا – لا يمكن ودليل ذلك قوله تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }{[20765]} فهذا هو الصحيح ، ليست الآية في الاقتداء بشرائعهم لاختلافها ، إنما{[20766]} الآية في الاقتداء بهم فيما لم يختلفوا فيه ، وهو التوحيد ودين الإٍسلام .

وأما الشرائع فقد اختلفوا فيها بأمر{[20767]} الله ( لهم ){[20768]} بذلك وفَرضِه على كل واحد ما شاء{[20769]} .

وأكثر النحويين ( على ){[20770]} تلحين من كسر{[20771]} الهاء من{[20772]} { اقتده } وهي قراءة ابن عامر{[20773]} ، إلا ما قال أحمد بن محمد بن عرفة{[20774]} : إنه يجوز أن تكسر على التشبيه بهاء الإضمار ، كما جاز إسكان هاء الإضمار على التشبيه بهاء السكت{[20775]} .

وقال بعضا النحويين : من كسر الهاء ، يجوز أن تكون الهاء لغير السكت ، وأن تكون للمصدر ، كأنه : ( فبهداهم ( اقتد الاقتداء ) ){[20776]} ، ( قال ){[20777]} : ويجوز أن تكون كناية عن الهدى ، والمعنى : فبهداهم اقتد{[20778]} ( هداهم ){[20779]} ، على التكرير للتأكيد{[20780]} .

والوقف على هذه الهاء أسلم ، وهو الاختيار{[20781]} عند أكثر النحويين ، لأنه تمام ، ولأنه إنما{[20782]} جيء بها{[20783]} للوقف{[20784]} .

ثم قال تعالى : { قل لا أسألكم عليه أجرا } أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين ، لا أسألكم على تذكيري إياكم{[20785]} أجرا ( ولا ){[20786]} عوضا ، إن القرآن الذي جئتكم به { إلا ذكرى للعالمين }{[20787]} .


[20760]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت. ب ج د: طريقتهم. وانظر: معاني الزجاج 2/270.
[20761]:انظر: تفسير الطبري 11/518 وما بعدها.
[20762]:ساقطة من د.
[20763]:مستدركة في هامش (أ) ساقطة من ب ج د.
[20764]:مكررة في ب.
[20765]:المائدة آية 50.
[20766]:د: أنبا.
[20767]:مخرومة في أ. ج د: فأمر.
[20768]:ساقطة من د.
[20769]:انظر: المحرر 6/100.
[20770]:ساقطة من ب.
[20771]:ج د: كسره.
[20772]:ج د: في.
[20773]:(بكسر الدال ويُشِمُّ الهاء الكسر من غير بلوغ ياء. وهذا غلط، لأن هذه الهاء هاء وقف لا تعرب في حال من الأحوال، وإنما تدخل لتبين بها حركة ما قبلها): السبعة 262، وانظر: إعراب النحاس 1/564. وحجة ابن خالويه 145، وإعراب مكي 260.
[20774]:في القطع 312: (...إلا شيئا حكي عن أحمد بن يحيى، حكاه إبراهيم بن محمد بن عرفة)، والظاهر أن عبارة: (يحيى حكاه إبراهيم بن) ساقطة من كلام مكي، أي: بعد قوله: (إلا ما قال أحمد بن). هذا وقد سبق التعريف بإبراهيم بن عرفة في معرض تفسير الآية 31 من سورة المائدة. كما أنك تجد قولا لابن عرفة ضمن تفسير الآية 77 من الأنعام. أما أحمد بن يحيى فانظر: ما حكاه من قراءة في تفسير الآية 95 من الأنعام. وهو أحمد بن يحيى بن يزيد، أبو العباس ثعلب البغدادي، إمام النحو واللغة. أخذ عن ابن الأعرابي، عنه ابن الأنباري. توفي سنة 391 هـ. انظر: الغاية 1/148، ونزهة الألبا 173.
[20775]:ب: بالسكتة. ج: بالسكت. د: بالسكية. وانظر: القطع 311، 312، ورده مكي في إعرابه من غير ذكر قائله: 260.
[20776]:ب ج د: اقتده قتدا. وهو قول ابن الأنباري وابن ذكوان وهشام في الكشف 1/439.
[20777]:ساقطة من ج د.
[20778]:ب: اقتده.
[20779]:ساقطة من ب.
[20780]:انظر: حجة ابن زنجلة 260، وفيه أنه قول بعض أهل البصرة.
[20781]:ب: الاختيار. د: اختيار.
[20782]:ب: أغلى.
[20783]:ج د: به.
[20784]:انظر: التعليق على قراءة ابن عامر السابقة. هذا وقال ابن مجاهد: (فقرأ ابن كثير وأهل مكة ونافع وأهل المدينة وأبو عمرو وعاصم: (فبهداهم افتده: قل) يثبتون الهاء في الوصل والوقف ساكنة) السبعة 262، وانظر: معاني الزجاج في هذا الاختيار 2/270، وانظر: معاني الأخفش 497، وإعراب النحاس 1/564.
[20785]:ج د: إياي.
[20786]:ساقطة من د.
[20787]:ب: (للعالمين، تم السفر تم السفر الثاني. نتلوه في الذي يليه {وما قدروا الله حق قدره}، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد. الثالث من كتاب (الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وأحكامه وجمل من فنون علومه وتفسيره) تأليف أبي محمد مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار القيسي رضي الله عنه وأرضاه بمنه. بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وسلم تسليما). ج: (للعالمين. تم السفر الثاني، يتلوه في الذي يليه {وما قدروا الله حق قدره}، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على مولانا محمد وآله وسلم. الثالث من كتاب (الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وأحكامه وجمل من فنون علومه وتفسيره) تأليف أبي محمد مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار القيسي رضي الله عنه وأرضاه بمنه). وانظر: معنى الآية في تفسير الطبري 11/520.