وقال الحسن : هم الأنبياء الذين تقدم ذكرهم واختاره الزجاج لقوله عقيب ذلك { أولئك الذين هدى الله } وقال أبو رجاء : يعني الملائكة وضعف بأن اسم القوم قلما يقع على غير بني آدم . وفي الآية دلالة على أنه تعالى سينصر نبيه ويظاهر دين الإسلام على كل الأديان وقد وقع ما وعد وكان إخباراً بالغيب فصح إعجاز القرآن . وفيها استدلال للأشاعرة على أنه تعالى خلق قوماً للإيمان ولو كان خلق الكل للإيمان والبيان والتمكين وفعل الألطاف مشتركاً بين الكل لم يصح هذا التخصيص . أجاب الكعبي بأنه زاد المؤمنين من الألطاف ما لا يحصيه إلا الله ، وبتقدير أن يستوي فإذا لم ينتفع به الكافر صح بحسب الظاهر أن يقال إنه لم يحصل له تلك الألطاف . ورد بأن الألطاف الداعية إلى الإيمان مشترك فيها بين الكافر والمؤمن ، وبأن الوالد لما سوّى بين الولدين في العطية ثم إن أحدهما ضيع نصيبه فأي عاقل يجوّز أن يقول أحد إن الأب ما أنعم عليه وما أعطاه شيئاً { فبهداهم اقتده } من حذف الهاء في الوصل فعلى الأصل ، ومن أثبتها في الوصل كما في الوقف أراد موافقة المصحف فإن الهاء ثابتة في الخط فكره مخالفة الخط في الحالين . وأما قراءة ابن عامر بكسر الهاء بغير إشباع فقال أبو بكر بن مجاهد : إنها غلط . وقال أبو علي الفارسي : ليست بغلط ووجهها أن يجعل الهاء كناية عن المصدر الدال عليه الفعل . والتقدير : فبهداهم اقتد الاقتداء . وتقديم المفعول للاختصاص أي لا تقتد إلا بهم . ولا خلاف في أنه أمر لمحمد صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالأنبياء المذكورين . إنما الكلام في تفسير الهدى . فمن الناس من قال : المراد الذي أجمعوا عليه وهو القول بالتوحيد والتنزيه عن كل ما لا يليق به في الذات والصفات والأفعال . وقال آخرون : المراد به الاقتداء بهم في شرائعهم إلا ما خصه الدليل ، وعلى هذا فيلزمنا شرع من قبلنا ، وقيل : اللفظ مطلق فيحمل على الكل إلا ما خصه الدليل المفصل . وقال القاضي : هذا بعيد لأن شرائعهم مختلفة متناقضة ولا يمكن الإتيان بالأمور المتناقضة معاً ، ولأن الهدى عبارة عن الدليل دون نفس العمل ، ودليل إثبات شرعهم كان مخصوصاً بتلك الأوقات ، ولأن منصبهم يلزم أن يكون أجل من منصبه وأنه باطل بالإجماع ، وأجيب بأن العام يجب تخصيصه في الصورة المتناقضة فيبقى فيما عداها حجة ، وبأن المستدل بالدليل فصل في ذلك الحكم فلا معنى للاقتداء بالدليل إلا إذا كان فعل الأول سبباً لوجوب الفعل على الثاني ، وبأنه يلزم أن يكون منصبه أجل من منصبهم لأنه أمر باستجماع خصال الكمال وصفات الشرف التي كانت متفرقة فيها كالشكر في داود وسليمان ، والصبر في أيوب ، والزهد في زكريا ويحيى وعيسى ، والصدق في إسماعيل ، والتضرع في يونس ، والمعجزات الباهرة في موسى وهارون ، ولهذا قال «لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي » .
ولما أمره بالاقتداء بالأنبياء وكان من جملة هداهم أن لا يطلبوا الأجر أي المال والجعل في إيصال الدين وإبلاغ الشريعة قيل له : { قل لا أسألكم } أيها الأمة { عليه } على البلاغ { أجراً إن هو } يعني القرآن { إلا ذكرى للعالمين } يريد كونه مشتملاً على كل ما يحتاجون إليه في المعاش والمعاد . وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الناس كافة لا إلى قوم دون قوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.