إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰلَمِينَ} (90)

{ أولئك } إشارةٌ إلى الأنبياء المذكورين ، وما فيه من معنى البُعد للإيذان بعلوِّ رُتبتهم ، وهو مبتدأ خبرُه قوله تعالى : { الذين هَدَى الله } أي إلى الحق والنهج المستقيم ، والالتفاتُ إلى الاسم الجليل للإشعار بعلة الهداية { فَبِهُدَاهُمُ اقتدِهْ } أي فاختصَّ هداهم بالاقتداء ، ولا تقتَدِ بغيرهم والمرادُ بهداهم طريقتُهم في الإيمان بالله تعالى وتوحيدِه وأصولِ الدين دون الشرائعِ القابلةِ للنسخ ، فإنها بعد النسخ لا تبقى هُدىً والهاء في ( اقتده ) للوقف حقها أن تسقط في الدّرْج{[222]} ، واستُحسن إثباتُها فيه أيضاً إجراءً له مُجرى الوقفِ واقتداءً بالإمام ، وقرئ بإشباعها على أنها كناية المصدر . { قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي على القرآن أو على التبليغ ، فإن مَساقَ الكلامِ يدل عليهما وإن لم يَجْرِ ذكرُهما { أَجْراً } من جهتكم كما لم يسألْه مَنْ قبلي من الأنبياء عليهم السلام ، وهذا من جملة ما أُمر صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم فيه { إِنْ هُوَ } أي ما القرآنُ { إِلاَّ ذكرى للعالمين } أي عظةٌ وتذكيرٌ لهم كافةً من جهته سبحانه فلا يختَصُّ بقوم دون آخرين .


[222]:المراد هنا أن تسقط من الرسم القرآني. والدرج هو الورق الذي يكتب فيه.