تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰلَمِينَ} (90)

الآية 90 وقوله تعالى : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } يحتمل { فبهداهم } الذي{[7404]} هدوا أمتهم اهد أنت أمتك . ويحتمل : { فبهداهم } الذي{[7405]} هدوا هم اهتد أنت فبأمره عز وجل بالأمر بالاقتداء بإخوانه الذين مضوا من الرسل . والهدى هو اسم ما يزان به ، ليس هو اسم الأفعال ، فلا{[7406]} يقال لتارك{[7407]} الصلاة والزكاة والصيام ذلك{[7408]} ، إنما يقال ذلك لمن دان بضد الهدى . أمر رسوله أن يقتدي بهم بذلك . وذلك{[7409]} يدل على [ أن ]{[7410]} الأنبياء والرسل كانوا على دين واحد ، وأن الدين لا يحتمل النسخ والتغيير . ألا ترى أنه قال في آية أخرى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا } ؟ [ الشورى : 13 ] وذلك{[7411]} يدل على أن الدين واحد ، لا يحتمل النسخ ، وأما الشرائع فهي مختلفة لأنها تحتمل النسخ ، ويحتمل الأمر بالاقتداء بهم ما ذكر .

[ وقوله تعالى ]{[7412]} : { فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا } أي اقتد بمن تقدم من الرسل ، ولا تأخذ على تبليغ الرسالة أجرا كما لم يأخذوا هم . وفي قوله تعالى : { قل لا أسألكم عليه أجرا } دليل نقض قول من يجيز أخذ الأجر على تعليم القرآن والعلم ورواية الحديث وغير ذلك من العبادات{[7413]} . وكذلك قوله تعالى : { أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون } [ الطور : 40 ] كأنه ، والله أعمل ، يجعل لهم العذر في ترك الإجابة له بما يلحقهم من ثقل الأجر والغرم ، والله أعلم .

وفيه أيضا دلالة نقض مذهب القرامطة لأنهم يفرضون{[7414]} مذهبهم على الناس ، ويأخذون منهم المواثيق والجعل في ذلك . وإنما أخذ المواثيق من الرسل على تبليغ الرسالة إلى قومهم ، وأمرهم{[7415]} بتأليف قلوب الخلق . وفي أخذ الجعل منهم نفور قلوبهم وطباعهم عن ذلك .

وقوله تعالى : { إن هو إلا ذكرى للعالمين } أي ما هذا القرآن إلا ذكرى أي عظة وزجر للعالمين .


[7404]:- في الأصل وم: الذين.
[7405]:- في الأصل وم: الذين.
[7406]:- الفاء ساقطة من الأصل وم.
[7407]:- في الأصل وم: التارك.
[7408]:- في الأصل وم: هناك.
[7409]:- الواو ساقطة من الأصل وم.
[7410]:- ساقطة من الأصل وم .
[7411]:- من م، في الأصل: أخبر وذلك.
[7412]:- ساقطة من الأصل وم.
[7413]:- من م، في الأصل: العباد.
[7414]:- في الأصل وم: يعرضون.
[7415]:- في الأصل وم: وأمروا.