تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ} (103)

{ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر } ، وذلك أن غلاما لعامر بن الحضرمي القرشي يهوديا أعجميا ، كان يتكلم بالرومية ، يسمى : يسار ، ويكنى : أبا فكيهة ، كان كفار مكة إذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه ، قالوا : إنما يعلمه يسار أبو فكيهة ، فأنزل الله تعالى : { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر } ، ثم أخبر عن كذبهم ، فقال سبحانه : { لسان الذي يلحدون إليه } ، يعني : يميلون ، كقوله سبحانه : { ومن يرد فيه بإلحاد } [ الحج :25 ] ، يعني : يميل ، { أعجمي } : رومي ، يعني : أبا فكيهة ، { وهذا } القرآن ، { لسان عربي مبين } [ آية :103 ] ، يعني : بين يعقلونه ، نظيرها في حم السجدة قوله سبحانه : { ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي } [ فصلت :44 ] لقالوا : محمد صلى الله عليه وسلم عربي ، والقرآن أعجمي ، فذلك قوله سبحانه : { قرآنا أعجميا } إلى آخر الآية .

فضربه سيده ، فقال : إنك تعلم محمدا صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو فكيهة : بل هو يعلمني ، فأنزل الله عز وجل في قولهم : { وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين } [ الشعراء :192 ،193 ] ؛ لقولهم : إنما يعلم محمدا صلى الله عليه وسلم يسار أبو فكيهة .