الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ} (103)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم قيناً بمكة اسمه بلعام ، وكان عجمي اللسان فكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج من عنده ، فقالوا : إنما يعلمه بلعام ، فأنزل الله : { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر . . . } الآية .

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس في قوله : { إنما يعلمه بشر } ، قال : قالوا إنما يعلم محمداً عبدة بن الحضرمي - وهو صاحب الكتب - فقال الله : { لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين } .

وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئ غلاماً لبني المغيرة أعجمياً ، يقال له مقيس . وأنزل الله : { ولقد نعلم أنهم يقولون . . . } الآية .

وأخرج آدم بن أبي إياس ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن مجاهد : { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر } ، قال : قول قريش : إنما يعلم محمداً بن الحضرمي ، وهو صاحب كتب . { لسان الذي يلحدون إليه أعجمي } ، يتكلم بالرومية ، { وهذا لسان عربي مبين } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يقولون إنما يعلم محمداً عبدة بن الحضرمي ، كان يسمى مقيس .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن الضحاك في الآية قال : كانوا يقولون : إنما يعلمه سلمان الفارسي ، وأنزل الله : { لسان الذي يلحدون إليه أعجمي } .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب : «إن الذي ذكر الله في كتابه أنه قال : { إنما يعلمه بشر } ، إنما افتتن من أنه كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يملي عليه سميع عليم ، أو عزيز حكيم أو نحو ذلك من خواتيم الآية ، ثم يشتغل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : " يا رسول الله ، أعزيز حكيم أو سميع عليم ؟ فيقول : أي ذلك كتبت فهو كذلك ، فافتتن وقال : إن محمداً ليكل ذلك إلي ، فأكتب ما شئت " . فهذا الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آذاه أهل مكة ، دخل على عبد لبني الحضرمي يقال له : أبو يسر ، كان نصرانياً وكان قد قرأ التوراة والإنجيل ، فساءله وحدثه . فلما رآه المشركون يدخل عليه قالوا : يعلمه أبو اليسر . قال الله : { هذا لسان عربي مبين } ، ولسان أبي اليسر عجمي .