تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا} (59)

{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد على سرية فيهم عمار بن ياسر ، فساروا حتى دنوا من الماء ، فعرسوا قريبا ، وبلغ العدو أمرهم فهربوا ، وبقى منهم رجل ، فجمع متاعه ، وجاء ليلا فلقى عمارا ، فقال : يا أبا اليقظان ، إن القوم سمعوا بكم ، فهربوا ولم يبق غيري ، وقد أسلمت ، وشهدت ألا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فهل الإسلام نافعي ؟ فقال عمار : ينفعك ، فأقم ، فلما أصبح خالد غار بخيله ، فلم يجد إلا هذا الرجل وماله ، فقال عمار : خل عن هذا الرجل وماله ، فقد أسلم وهو في أماني ، قال خالد : فبم أنت تجير دوني وأنا أمير عليك ، فاستبا ، فلما رجعا إلى المدينة أجاز النبي صلى الله عليه وسلم أمان عمار ، ونهاه أن يجير الثانية على أمير ، فقال خالد : يا نبي الله ، يسبني هذا العبد الأجدع ، وشتم خالد عمارا .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد : "لا تسب عمارا ، فمن سب عمارا سب الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله ، ومن لعن عمارا لعنه الله" ، فغضب عمار ، فقام فذهب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد : "قم فاعتذر إليه" ، فأتاه خالد فأخذ بثوبه ، فاعتذر إليه ، فأعرض عنه ، فأنزل الله عز وجل في عمار : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ، يعني خالد بن الوليد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ولاه أمرهم ، فأمر الله عز وجل بطاعة أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ فإن تنازعتم في شيء } من الحلال والحرام ، يعني خالدا وعمارا ، { فردوه إلى الله } ، يعني إلى القرآن ، { والرسول } ، يعني سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، نظيرها في النور ، ثم قال : { إن كنتم تؤمنون بالله } ، يعني تصدقون بالله بأنه واحد لا شريك له ، { واليوم الآخر } ، يعني باليوم الذي فيه جزاء الأعمال ، فليفعل ما أمر الله ، { ذلك } الرد إليهما { خير وأحسن تأويلا } يعني وأحسن عاقبة .