تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

فقالت اليهود : قاتل الله هؤلاء ، ما أسفههم ، يشهدون أن محمدا رسول الله ويبذلون له دماءهم وأموالهم ، ووطئوا عقبه ، ثم يتهمونه في القضاء ، فوالله لقد أمرنا موسى ، عليه السلام ، في ذنب واحد ، أتيناه فقتل بعضنا بعضا ، فبلغت القتلى سبعين ألفا حتى رضى الله عنا ، وما كان يفعل ذلك غيرنا ، فقال عند ذلك ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري : فوالله ، إن الله عز وجل ليعلم أنه لو أمرنا أن نقتل أنفسنا لقتلناها ، فأنزل الله عز وجل في قول ثابت : { ولو أنا كتبنا } ، يقول : لو أنا فرضنا { عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم } ، فكان من ذلك القليل عمار بن ياسر ، وعبد الله بن مسعود ، وثابت بن قيس ، فقال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : والله لو فعل ربنا لفعلنا ، فالحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ، للإيمان أثبت في قلوب المؤمنين من الجبال الرواسي" .

ثم قال : { ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به } من القرآن ، { لكان خيرا لهم } في دينهم ، { وأشد تثبيتا } يعني تصديقا في أمر الله عز وجل .