غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٞ} (40)

25

قوله : { حتى إذا جاء أمرنا } هي غاية لقوله : { ويصنع الفلك } أي كان يصنعها إلى أن جاء وقت الأمر بالإهلاك . { وفار التنور } أي نبع الماء من بشدة وسرعة تشبيهاً بغليان القدر . والتنور هي التي يختبز فيها فقيل : هو ما استوى فيه العربي والعجمي . وقيل : معرب لأنه لا يعرف في كلام العرب نون قبل راء . عن ابن عباس والحسن ومجاهد : هو تنور نوح . وقيل : كان لآدم وحواء حتى صار لنوح وموضعه بناحية الكوفة قاله مجاهد والشعبي . وعن علي رضي الله عنه أنه في مسجد الكوفة وقد صلى فيه سبعون نبياً . وقيل : بالشام بموضع يقال له عين وردة قاله مقاتل . وقيل : بالهند . روي أن امرأته كانت تخبز فأخبرته بخروج الماء من ذلك التنور فاشتغل في تلك الحال بوضع الأشياء في السفينة وكان الله تعالى جعل هذه الحالة علامة لواقعة الطوفان . ويروى عن علي رضي الله عنه أيضاً أن المراد بالتنور وجه الأرض لقوله : { وفجرنا الأرض عيوناً } [ القمر :12 ] وعنه أيضاً كرم الله وجهه أن معنى { فار التنور } طلع الصبح . وقيل : معناه اشتد الأمر كما يقال حمي الوطيس . والمراد إذا رأيت الأمر يشتد والماء يكثر فاركب في السفينة وذلك قوله { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين } والزوجان شيئان يكون أحدهما ذكراً والآخر أنثى . فمن قرأ بالإضافة فمعناه احمل من كل صنفين بهذا الوصف اثنين ، ومن قرأ بالتنوين فالمراد حمل من كل شيء زوجين . واثنين للتأكيد ولا يبعد أن يكون النبات داخلاً فيه لاحتياج الناس إليه { وأهلك } معطوف على مفعول { احمل } وكذا { من آمن } وقوله { إلا من سبق عليه القول } قال الضحاك : أراد ابنه وامرأته قدر الله لهما الكفر إذا علم منهما ذلك . ثم قال { وما آمن معه إلا قليل } أي نفر قليل : عن مقاتل أنهم ثمانون وبهم سموا قرية الثمانين بناحية الموصل لأنهم لما خرجوا من السفينة بنوها . وقيل : اثنان وسبعون رجلاً وامرأة ، وأولاد نوح : سام وحام ويافث ونساؤهم . فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء . وعن محمد بن إسحق كانوا عشرة ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا ثمانية ، نوح وأهله وبنوه الثلاثة ونساؤهم . وقيل في بعض الروايات : إن إبليس دخل معه السفينة وفيه بعد لأنه جسم ناري فلا يؤثر الغرق فيه .

/خ49