غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

24

التفسير : لما بالغ في تقرير دلائل التوحيد أراد أن يذكر شبهات منكري النبوة مع أجوبتها . فالشبهة الأولى أنهم طعنوا في القرآن وعدّوه من قبيل الأساطير . قال النحويون : " ماذا " منصوب بأنزل بمعنى أي شيء أنزله ربكم ، أو " ما " مبتدأ و " ذا " موصولة ، والجملة صلتها ، والمجموع خبر المبتدأ ، وعلى التقديرين : فقوله : { أساطير الأوّلين } بالرفع ليس بجواب للكفار وإلا لكان المعنى الذي أنزله ربنا أساطير الأوّلين والكفار لا يقرون بالإنزال فهو إذن كلام مستأنف أي ليس ما تدّعون إنزاله منزلاً بل هو أساطير الأولين . وقال في الكشاف : معناه المنزل أساطير الأوّلين وذكر في دفع التناقض أنه على السخرية كقوله : { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } [ الشعراء : 27 ] وجوز كونه منصوباً ولم يقرأ به . واختلفوا في السائل فقيل : هو كلام بعضهم لبعض . وقيل : هو قول المسلمين لهم وقيل : هو قول المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة ينفرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سألهم وفود الحاج عما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أحاديث الأوّلين وأباطيلهم ، ليس فيه شيء من العلوم والفصاحة والحقائق والدقائق . ثم إنه تعال اقتصر في جواب شبههم على محض الوعي لأنه قد ثبت بالتحدي كما مر ذكره مراراً أن القرآن معجز تحدوا بالقرآن جملة ثم بعشر سور ثم بسورة فعجزوا عن المعارضة فكان طعنهم فيه بعد ذلك مجرد المكابرة والعناد فلم يستحقوا في الجواب إلا التهديد والوعيد .

/خ24