تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

{ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين24ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون 25 قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون26 ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين27الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون28 فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين29* } .

المفردات :

أنزل ربكم : أي : على محمد .

أساطير : واحدها : أسطورة ، كأرجوحة وأراجيح وهي الأكاذيب والترهات والأباطيل .

الأولين : الغابرين القدماء ، قالوا ذلك ؛ إضلالا للناس ، وقد نزلت الآية في النضر بن الحارث .

24

التفسير :

24 { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } .

أفادت كتب السيرة : أن قريشا وزعماء مكة ، أهمًّها أمر الدعوة الإسلامية ، حيث إن أتباع محمد يزيدون ، ورأوا تأثير القرآن في نفوس الناس ، وصار الواردون إلى مكة في موسم الحج وغيره ، يسألون الناس عن هذا النبي الذي ظهر ، وعن القرآن الذي أنزل عليه ، فدبّر لهم الوليد بن المغيرة معاذير ، واختلاقا يختلقونه ؛ ليقنعوا السائلين به .

فندب منهم ستة عشر رجلا ، بعثهم أيام موسم الحج يقعدون في طرق مكة ، ومسالك الدخول إليها ، يقولون لمن سألهم عن محمد : لا تغتروا بهذا الذي يدّعي : أنه نبي ؛ فإنه مجنون أو ساحر أو شاعر أو كاهن ، وأن الكلام الذي يقوله أساطير من أساطير الأولين اكتتبها ، وقد تقدم ذلك في آخر سورة الحجر ، وكان النضر ابن الحارث يقول : أنا أقرأ عليكم ما هو أجمل من حديث محمد ، أحاديث رستم وإسفنديار ، قال تعالى في شأنه . . . { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } . ( الأنعام : 93 ) .

وفي صحيح البخاري ما يفيد : مساءلة العرب عن بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك سؤال هرقل ملك الروم لأبي سفيان ، عن هذا النبي وعن نسبه وعن أتباعه ، وعن حروبه ، ولما خرج أبو سفيان من عند ملك الروم ، قال لمن معه : لقد أمرَ أمرُ ابن أبي كبشة ، حتى أصبح ملك الروم يسأل عنه .

وروى البخاري في قصة إسلام أبي ذر13 أنه سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في قومه غفار ، فأرسل أخاه ؛ ليستعلم عن هذا النبي ، ثم حضر بنفسه مستفهما عنه .

{ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم } .

أي : إذا سألت وفود العرب في موسم الحج وغيره ، أهل مكة عن محمد وعن القرآن الذي نزل عليه .

{ قالوا أساطير الأولين } .

أي : إن هذا القرآن ليس وحيا من الله ، وإنما هو أكاذيب وخرافات مأخوذة من كتب المتقدمين . قال تعالى : { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } . ( الفرقان : 5 ) .

والسائل إما واحد من المسلمين ، أو من كلام بعضهم لبعض ، أن النضر بن الحارث ، أو قول المقتسمين الذين اقتسموا مكة ، ينفرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا سألهم وفود الحجيج ، عما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .