تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

ثم وصفهم ، فقال سبحانه : { وإذا قيل لهم } ، يعنى الخراصين ، { ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } [ آية :24 ] ، وذلك أن الوليد بن المغيرة المخزومي ، قال لكفار قريش : إن محمدا صلى الله عليه وسلم حلو اللسان ، إذا كلم الرجل ذهب بعقله ، فابعثوا رهطا من ذوي الرأي منكم والحجا في طريق مكة ، على مسيرة ليلة أو ليلتين ، إني لا آمن أن يصدقه بعضهم ، فمن سأل عن محمد صلى الله عليه وسلم ، فليقل بعضهم : إنه ساحر ، يفرق بين الاثنين ، وليقل بعضهم : إنه لمجنون ، يهذي في جنونه ، وليقل بعضهم : إنه شاعر ، لم يضبط الروي ، وليقل بعضهم : إنه كاهن ، يخبر بما يكون في غد ، وإن لم تروه خيرا من أن تروه ، لم يتبعه على دينه إلا العبيد والسفهاء ، يحدث عن حديث الأولين ، وقد فارقه خيار قومه وشيوخهم .

فبعثوا ستة عشر رجلا من قريش ، في أربع طرق ، على كل طريق أربعة نفر ، وأقام الوليد بن المغيرة بمكة على الطريق ، فمن جاء يسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لقيه الوليد ، فقال له مثل مقالة الآخرين ، فيصدع الناس عن قولهم ، وشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يرجو أن يتلقاه الناس ، فيعرض عليهم أمره ، ففرحت قريش حين تفرق الناس عن قولهم ، وهم يقولون : ما عند صاحبكم خير ، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم ، وما بلغنا عنه إلا الغرور ، وفيهم المستهزءون من قريش ، فأنزل الله عز وجل فيهم : { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } ، يعنى حديث الأولين وكذبهم .