مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

قوله تعالى { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ، ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون } .

اعلم أنه تعالى لما بالغ في تقرير دلائل التوحيد وأورد الدلائل القاهرة في إبطال مذاهب عبدة الأصنام ، ذكر بعد ذلك شبهات منكري النبوة مع الجواب عنها .

فالشبهة الأولى : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما احتج على صحة نبوة نفسه بكون القرآن معجزة طعنوا في القرآن وقالوا : إنه أساطير الأولين ، وليس هو من جنس المعجزات ، وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : اختلفوا في أن ذلك السائل من كان ؟ قيل هو كلام بعضهم لبعض ، وقيل هو قول المسلمين لهم ، وقيل : هو قول المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة ينفرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سألهم وفود الحاج عما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المسألة الثانية : لقائل أن يقول : كيف يكون تنزيل ربهم أساطير الأولين ؟

وجوابه من وجوه : الأول : أنه مذكور على سبيل السخرية كقوله تعالى عنهم : { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } ، وقوله : { يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } وقوله : { يا أيها الساحر ادع لنا ربك } . الثاني : أن يكون التقدير هذا الذي تذكرون أنه منزل من ربكم هو أساطير الأولين . الثالث : يحتمل أن يكون المراد أن هذا القرآن بتقدير أن يكون مما أنزله الله لكنه أساطير الأولين ليس فيه شيء من العلوم والفصاحة والدقائق والحقائق .