الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

قوله تعالى : { مَّاذَآ أَنْزَلَ } : قد تقدَّم الكلامُ على " ماذا " أولَ البقرة . وقال الزمخشري : " أو مرفوعٌ بالابتداءِ بمعنى : أيُّ شيءٍ أنزلَه ربُّكم ؟ قال الشيخ : " وهذا غيرُ جائزٍ عند البصريين " . يعني مِنْ كونِه حَذَفَ عائدَه المنصوب نحو : " زيدٌ ضربتُ " وقد تقدَّم خلافُ الناس في هذا ، والصحيحُ جوازه .

والقائمُ مَقامَ فاعلِ " قيل " الجملةُ مِنْ قولِه { مَّاذَآ أَنْزَلَ } لأنها المَقُولَةُ ، والبصريون يَأْبَوْنَ ذلك ، ويجعلون القائمَ مقامَه ضميرَ المصدرِ ؛ لأنَّ الجملةَ لا تكونُ فاعلةً ولا قائمةً مقامَ الفاعلِ ، والفاعلُ المحذوفُ : إمَّا المؤمنون ، وإمَّا بعضُهم ، وإمَّا المقتسِمون .

وقرئ : " أساطيرَ " بالنصب ، على تقدير : أَنْزَلَ أساطيرَ على سبيل التهكُّم ، أو ذكرتُمْ أساطيرَ ، والعامَّةُ ، برفعِه على خبر مبتدأ مضمرٍ ، أي : المنزَّلُ أساطيرٌ على سبيل التهكُّم ، أو المذكورُ أساطيرُ . وللزمخشريِّ هنا عبارةٌ فظيعةٌ يقف منها الشَّعْرُ .