اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأولين } الآيات .

لمَّا قرر دلائل التوحيد ، وأبطل مذاهب عبدة الأصنام ، ذكر بعد ذلك شبهات منكري النبوة مع الجواب عنها .

فالشبهة الأولى : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما احتجَّ على صحة بعثته بكون القرآن معجزة ؛ طعنوا فيه ، وقالوا : إنه أساطير الأولين ، واختلفوا في هذا القول .

فقيل : هو كلام بعضهم لبعض .

وقيل : قول المسلمين لهم .

وقيل : قول المقتسمين الذين اقتسموا [ مكَّة ]{[19775]} ومداخل مكة ؛ ينفِّرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سألهم وفود الحاجِّ عمَّا أنزل الله على رسوله .

قوله : " مَاذَا " تقدم الكلام عليها أول البقرة .

وقال الزمخشريُّ : " أو مرفوعٌ بالابتداءِ ، بمعنى أي شيء أنزله ربُّكم " .

قال أبو حيَّان{[19776]} : " وهذا غيرُ جائزٍ عند البصريِّين " . يعني : من كونه حذف عائده المنصوب ، نحو " زَيْدٌ ضَربْتُ " وقد تقدم خلاف النَّاس في هذا ، والصحيح جوازه ، والقائم مقام الفاعل ، قيل : الجملة من قوله { مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } لأنها المقولة ، والبصريون يأبون ذلك ، ويجعلون القائم مقامه ضمير المصدر ؛ لأنَّ الجملة لا تكون فاعلة ، ولا قائمة مقام الفاعل ، والفاعل المحذوف : إمَّا المؤمنون ، وإما بعضهم ، وإمَّا المقتسمون .

وقرئ{[19777]} " أسَاطيرَ " بالنصب على تقدير : أنزل أساطير ، على سبيل التهكُّم ، أو ذكرتم أساطير .

والعامة برفعه على أنَّه خبر مبتدأ مضمر فاحتمل أن يكون التقدير : المنزَّل أساطير على سبيل التَّهكُّم ، أو المذكور أساطير ، وللزمخشريُّ هنا عبارة [ فظيعة ]{[19778]} .


[19775]:زيادة من : ب.
[19776]:ينظر: البحر المحيط 5/470.
[19777]:ينظر: البحر 5/470، الدر المصون 4/320.
[19778]:في ب: لطيفة.