السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

ولما بالغ سبحانه وتعالى في دلائل التوحيد وأورد الدلائل القاهرة في إبطال مذاهب عبدة الأصنام قال تعالى عاطفاً على قلوبهم منكرة : { وإذا قيل لهم } أي : لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة وقوله تعالى : { ما } استفهامية و{ ذا } موصولة ، أي : ما الذي { أنزل ربكم } على محمد صلى الله عليه وسلم واختلف في قائل هذا القول فقيل : كلام بعضهم لبعض ، وقيل : قول المسلمين لهم ، وقيل : قول المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة ينفرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سألهم وفود الحاج عما أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم { قالوا } مكابرين في إنزال القرآن هو { أساطير } أي : أكاذيب { الأوّلين } مع عجزهم بعد تحديهم عن معارضتهم أقصر سورة منه مع علمهم بأنهم أفصح الناس وأنه لا يكون من أحد من الناس متقدّم أو متأخر قول إلا قالوا أبلغ منه . فإن قيل : هذا كلام متناقض لأنه لا يكون منزلاً من ربهم وأساطير ؟ أجيب : بأنهم قالوه على سبيل السخرية كقوله : { إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } [ الشعراء ، 27 ] .