بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } يعني : الخراصين من أهل مكة . وروى أسباط عن السدي قال : اجتمعت قريش ، فقالوا : إن محمداً رجل حلو اللسان ، إذا كلمه رجل ذهب بعقله . وفي رواية أخرى : بقلبه . فانظروا أناساً من أشرافكم ، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين . فمن جاء يريده ردّوه عنه . فخرج ناس منهم في كل طريق ، فكان إذا جاء الرجل من وفد القوم ، ينظر ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم . فنزل بهم ، فقالوا له : أنا فلان بن فلان ، فيعرفه بنسبه . ثم قال : أنا أخبرك ثم قال : أنا أخبرك . عن محمد ، فلا تنفر إليه هو رجل كذاب لم يتبعه إلا السفهاء والعبيد ، ومن لا خير فيه ، أما أشياخ قومه ، وأخيارهم ، فهم مفارقوه . فيرجعون أي : الوافدون . وإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشد يقول : بئس الوافد أنا لقومي . إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم ، رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل ، وأنظر ماذا يقول . فيدخل مكة ، فيلقى المؤمنين ، فيسألهم : ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتقوا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هذه الدنيا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الاخرة خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المتقين } [ النحل : 30 ] فذلك قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } للمقتسمين من أهل مكة { مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ } يعني : ما الذي أنزل ربكم على محمد صلى الله عليه وسلم ، { قَالُواْ أساطير الأولين } يعني : الذين يذكرون أنه منزل ، هو كذب الأولين ، وأحاديثهم .