غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَقُولُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوۡفَ أُخۡرَجُ حَيًّا} (66)

66

التفسير : لما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأمته بالتبعية أن يعبدوا الله ويصطبروا لعبادته كان لمنكر أن يعترض بأن هذه العبادات لا منفعة فيها في الدنيا لأنها مشقة ولا في الآخرة لاستبعاد حشر الأجساد إلى حالها ، فلا جرم حكى قول المنكر ليجيب عن ذلك فقال : { ويقول الإنسان } وهو للجنس لأن هذا الاستغراب مركوز في الطباع قبل النظر في الدليل ، أو لأن هذا القول إذا صدر عن بعض الأفراد صح إسناده إلى بني نوعه لأنه منهم كما يقال : بنو فلان قتلوا فلاناً وإنما القاتل واحد منهم . وقيل : المراد بالإنسان ههنا شخص معين هو أبو جهل أو أبي بن خلف . وقيل : بعض الجنس هم الكفرة . وانتصب " إذا " بفعل مضمر يدل عليه { أخرج } المذكور لا نفسه لأن ما بدعه لام الابتداء لا يعمل فيما قبله . لا تقول : اليوم لزيد قائم . وإنما جاز الجمع بين حرف الاستقبال وبين لام الابتداء المفيدة للحال ، لأن اللام ههنا خلصت لأجل التأكيد كما خلصت الهمزة في " يا الله " للتعويض ، واضمحل عنها معنى التعريف . و " ما " في " إذا " ما للتوكيد أيضاً وكأنهم قالوا مستنكرين : أحقاً أنا سنخرج أحياء حين تمكن فينا الفناء بالموت ؟ والمراد بالخروج إما الخروج من الأرض أو الخروج من حال الفناء أو الندور ومن قولهم : " خرج فلان عالماً " إذا كان نادراً في العلم فكأنه قال على سبيل الهزء : سأخرج حياً نادراً . وإنما قدم الظرف وأولى حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة ومنه جاء الإنكار كقولك لمن أساء إلى محسنه " أحين تمت عليك نعمة فلان أسأت إليه " ؟ !

/خ98