غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا} (75)

66

ثم بين أن مآل الضال إلى الخزي والنكال وإن طالت مدته وكثرت عدته ، وقوله : { فليمدد له الرحمان } خبر مخرج على لفظ الأمر إيذاناً بوجوب الإمهال وأنه مفعول لا محالة لتنقطع معاذير الضال ويقال له يوم القيامة { أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } [ فاطر : 37 ] أو ليزدادوا إثماً كقوله { إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً } [ آل عمران : 178 ] أو هو في معنى الدعاء بأن يمهله الله عز وجل وينفس في مدة حياته . والغاية أحد الأمرين المذكورين أي انقطاع العذر أو ازدياد الإثم . أما قوله : { حتى إذا رأوا } إلى آخر . فقد قال في الكشاف : إنه يحتمل أن يكون متصلاً بقوله : { أي الفريقين } إلى آخره ، وما بينهما اعتراض قالوا : أي الفريقين خبر مقاماً وأحسن ندياً حتى إذا رأوا ما يوعدون . والمعنى لا يزالون يتفوّهون بهذا القول مولعين به إلى أن يشاهدوا الموعود رأي عين { أما العذاب } في الدنيا وهو غلبة المسلمين بالقتل والأسر وتغير أحوالهم من العز إلى الذل ومن الغنى إلى الفقر ، وأما يوم القيامة ، ويحتمل أن تتصل بما يليها والمراد أنهم لا ينفكون عن ضلالتهم وسوء مقالتهم إلى أن يعاينوا عذاب الدنيا ، أو الساعة ومقدماتها . وقوله : { فسيعلمون من هو شر مكاناً وأضعف جنداً } في مقابلة قولهم : { خير مقاماً وأحسن ندياً } لأن مقامهم هو مكانهم والنديّ المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم ، والجند الأعوان ، ولا ريب أن مكان القتل والأسر شر مكان في الدنيا ومكان عذاب النار شر مكان في الآخرة . ولا شك أيضاً أنه لو كان لهم في الوقتين ناصر لم يلحقوهم من الخزي والنكال ما لحقهم .

/خ98