واحتمل طلحة بن عبيد الله رسول الله ودافع عنه أبو بكر وعلي عليه السلام . وظن ابن قميئة أنه قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد قتلت محمداً ، وصرخ صارخاً ألا إن محمداً قد قتل . قيل : وكان الصارخ الشيطان ففشا في الناس خبر قتله صلى الله عليه وسلم فانكفؤا ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : إليّ عباد الله ، حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على هربهم فقالوا : يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فنزلت { وما محمد إلا رسول } أي مرسل . قال أبو علي : وقد يكون الرسول في غير هذا الموضع بمعنى الرسالة أي حالة مقصور على الرسالة لا يتخطاها إلى البقاء والدوام { قد خلت من قبله الرسل } فسيخلو كما خلوا . وكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم بعد خلوهم فكونوا أنتم كذلك لأن الغرض من إرسال الرسل التبليغ وإلزام الحجة لا وجودهم بين أممهم أبداً { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } الفاء لتسبيب الجملة الشرطية عن الجملة التي قبلها ، والهمزة لإنكار الجزاء لأنه في الحقيقة كأنه دخل عليه . والمعنى : أفتنقلبون على أعقابكم إن مات محمداً أو قتل ؟ وسبب الإنكار ما تقدم من الدليلين : أحدهما أن الحاجة إلى الرسول هي التبليغ وبعد ذلك لا حاجة إليه ، فلا يلزم من قتله أو موته الإدبار عما كان هو عليه من الدين وما يلزم كالجهاد . وثانيهما القياس على موت سائر الأنبياء وقتلهم ، فإن موسى عليه السلام مات ولم ترجع أمته عن ذلك الدين . والنصارى زعموا أن عيسى عليه السلام قتل وهم لم يرجعوا عن دينه وإنما ذكر القتل . وقد علم أنه لا يقتل لكونه مجوّزاً عند المخاطبين . وقوله :{ والله يعصمك من الناس }[ المائدة :67 ] لو سلم أنه متقدم في النزول فإنه مما كان يختص بمعرفته العلماء منهم على أنه ليس نصاً في العصمة عن القتل ، بل يحتمل العصمة من فتنة الناس وإضلالهم . وقوله :{ إنك ميت }
[ الزمر :30 ] يراد به المفارقة إلى الآخرة بأي طريق كان بدليل { وإنهم ميتون }[ الزمر :30 ] وكثير منهم قد قتلوا . ويمكن أن يقال : صدق القضية الشرطية لا يتوقف على صدق جزأيها لصدق قولنا إن كانت الخمسة زوجاً فهي تنقسم بمتساويين مع كذب جزأيها . ومعنى " أو " هو الترديد والتشكيك أي سواء فرض وقوع الموت أو القتل فلا تأثير له في ضعف الدين ووجوب الإدبار أو الارتداد { ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً } بل لا يضر إلا نفسه ، وهذا كما يقول الوالد لولده عند العتاب إن هذا الذي تأتي به من الأفعال لا يضر السماء والأرض . يريد أنه يعود ضرره عليه .
وما ارتد أحد من المسلمين ذلك اليوم إلا ما كان من قول المنافقين . ويجوز أن يكون على وجه التغليظ عليهم فيما كان منهم من الفرار والانكشاف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . روي أنه لما صرخ الصارخ قال بعض المسلمين : ليت عبد الله بن أبيّ يأخذ لنا أماناً من أبي سفيان . وقال ناس من المنافقين : لو كان نبياً لما قتل ، ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم . فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك : يا قوم إن كان قتل محمد فإن رب محمد حي لا يموت . وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ؟ فقاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه . ثم قال : اللهم إني اعتذر إليك مما يقول هؤلاء ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل . وعن بعض المهاجرين أنه مر بأنصاري يتشحط في دمه فقال : يا فلان ، أشعرت أن محمداً قد قتل ؟ فقال : إن كان قتل فقد بلغ قاتلوا على دينكم . ففي أمثالهم قال تعالى : { وسيجزي الله الشاكرين } لأنهم شكروا نعمة الإسلام فيما فعلوا من الصبر والثبات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.