غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا} (160)

153

قوله : { فبظلم } التنوين للتعظيم يعني فبأي ظلم { من الذين هادوا } والذنوب نوعان : الظلم على الخلق وهو قوله : { فبظلم من الذين هادوا } الآية والإعراض عن الدين الحق وهو قوله : { وبصدّهم عن سبيل الله كثيراً } أي ناساً كثيراً أو صداً كثيراً . ومن هذا القبيل أخذ الربا بعد النهي عنه وأكل أموال الناس بالباطل أي بالرشا على التحريف ؛ فهذه الذنوب هي الموجبة للتشديد عليهم في الدنيا والآخرة . أما في الدنيا فتحريم بعض المطاعم الطيبة كما يجيء في سورة الأنعام :{ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر }[ الأنعام :146 ] الآية وأما في الآخرة فقوله : { وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً } واعلم أن في متعلق قوله : { فبما نقضهم } وما عطف عليه قولين : الأوّل أنه محذوف والتقدير : فبنقضهم وبكذا وكذا لعناهم أو سخطنا عليهم أو نحو ذلك ثم استأنف قوله : { فبظلم } ومتعلقه { حرمنا } وكذا متعلق المعطوفات بعده . الثاني أن متعلق الكل { حرمنا } وقوله : { فبظلم } بدل من قوله : { فبما نقضهم } قاله الزجاج . ويرجح الأوّل بأن حذف المتعلق أفخم ليذهب الوهم كل مذهب ، ولأنّ تحريم الطيبات عقوبة خفيفة فلا يحسن تعليقها بتلك الجنايات العظائم . قلت : لو جعل قوله : { وأعتدنا } معطوفاً على { حرمنا } زال هذا الإشكال ، أما تكرار الكفر في الآيات ثلاث مرات ويلزم من عطف الثالث على الأوّل أو على الثاني عطف الشيء على نفسه فقد أجاب عنه في الكشاف بأنه قد تكرر منهم الكفر لأنهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فعطف بعض كفرهم على بعض ، أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه كأنهم قيل : فبجمعهم بين نقض الميثاق والكفر بآيات الله ، وقتل الأنبياء عليهم السلام ، وقولهم قلوبنا غلف ، وجمعهم بين كفرهم وبهتهم مريم وافتخارهم بقتل عيسى ، عاقبناهم أو بل طبع الله عليها بكفرهم وجمعهم بين كفرهم وكذا وكذا .

/خ169