قوله : { فبظلم } التنوين للتعظيم يعني فبأي ظلم { من الذين هادوا } والذنوب نوعان : الظلم على الخلق وهو قوله : { فبظلم من الذين هادوا } الآية والإعراض عن الدين الحق وهو قوله : { وبصدّهم عن سبيل الله كثيراً } أي ناساً كثيراً أو صداً كثيراً . ومن هذا القبيل أخذ الربا بعد النهي عنه وأكل أموال الناس بالباطل أي بالرشا على التحريف ؛ فهذه الذنوب هي الموجبة للتشديد عليهم في الدنيا والآخرة . أما في الدنيا فتحريم بعض المطاعم الطيبة كما يجيء في سورة الأنعام :{ وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر }[ الأنعام :146 ] الآية وأما في الآخرة فقوله : { وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً } واعلم أن في متعلق قوله : { فبما نقضهم } وما عطف عليه قولين : الأوّل أنه محذوف والتقدير : فبنقضهم وبكذا وكذا لعناهم أو سخطنا عليهم أو نحو ذلك ثم استأنف قوله : { فبظلم } ومتعلقه { حرمنا } وكذا متعلق المعطوفات بعده . الثاني أن متعلق الكل { حرمنا } وقوله : { فبظلم } بدل من قوله : { فبما نقضهم } قاله الزجاج . ويرجح الأوّل بأن حذف المتعلق أفخم ليذهب الوهم كل مذهب ، ولأنّ تحريم الطيبات عقوبة خفيفة فلا يحسن تعليقها بتلك الجنايات العظائم . قلت : لو جعل قوله : { وأعتدنا } معطوفاً على { حرمنا } زال هذا الإشكال ، أما تكرار الكفر في الآيات ثلاث مرات ويلزم من عطف الثالث على الأوّل أو على الثاني عطف الشيء على نفسه فقد أجاب عنه في الكشاف بأنه قد تكرر منهم الكفر لأنهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم فعطف بعض كفرهم على بعض ، أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه كأنهم قيل : فبجمعهم بين نقض الميثاق والكفر بآيات الله ، وقتل الأنبياء عليهم السلام ، وقولهم قلوبنا غلف ، وجمعهم بين كفرهم وبهتهم مريم وافتخارهم بقتل عيسى ، عاقبناهم أو بل طبع الله عليها بكفرهم وجمعهم بين كفرهم وكذا وكذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.