فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا} (160)

فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا( 160 )

من سنن الله تعالى التي لا تتحول ولا تتبدل أن البطر بالنعم مجلبة للنقم ، وقد مضى هذا في الأولين( وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين . وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ) ( {[1608]} ) ؛ ويسوق ربنا القول الحكيم عصمة للمتدبرين من مصائر البطرين : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) ( {[1609]} ) ؛ وهكذا عجل الله النقمة لليهود لقاء غيهم ، وعتوهم عن أمر ربهم ، يقول تقدست أسماؤه : ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورها أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون )( {[1610]} ) ، فهم مع الكنود والجحود ، والشر والكفر ، والغي والبغي ، وتجاوز الحد ، وأمعنوا في الفتنة عن الإسلام والصد ، فضلوا وأضلوا كثيرا .


[1608]:سورة القصص. الآيتان: 59،58.
[1609]:سورة النحل. الآية 112.
[1610]:سورة الأنعام. الآية 146.