ثم وصف طريقة المؤمنين المحقين منهم فقال : { لكن الراسخون في العلم منهم } يعني عبد الله بن سلام وأضرابه ممن نبت في العلم وثبت وأتقن واستبصر حتى حصلت له المعارف بالاستدلال واليقين دون التقليد والتخمين ، لأن المقلد يكون بحيث إذا شكك تشكك ، أما المستدل فإنه لا يتشكك ألبتة { والمؤمنون } يريد المؤمنين منهم أو المؤمنين من المهاجرين والأنصار .
والراسخون مبتدأ و { يؤمنون } خبره . أما قوله : { والمقيمين الصلاة } ففيه أقوال : الأوّل روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا : إن في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها ، ولا يخفى ركاكة هذا القول لأن هذا المصحف منقول بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه ؟ الثاني قول البصريين إنه نصب على المدح لبيان فضل الصلاة { والمؤتون الزكاة } رفع على المدح لبيان فضل الزكاة كقولك : جاءني قومك المطعمين في المحل والمغيثون في الشدائد . فتقدير الآية أعني المقيمين الصلاة وهم المؤتون الزكاة { والمؤمنون بالله واليوم الآخر } وطعن الكسائي في هذا القول بأن النصب على المدح إنما يكون بعد تمام الكلام وههنا الخبر وهو قوله : { أولئك } إلخ منتظر . والجواب أن الخبر { يؤمنون } ولو سلم فما الدليل على أنه لا يجوز الاعتراض بالمدح بين المبتدأ وخبره ؟ الثالث وهو اختيار الكسائي أن المقيمين خفض للعطف على ما في قوله : { إنما أنزل إليك } والمراد بهم الأنبياء لأنه لم يخل شرع واحد منهم من الصلاة . قال تعالى :{ وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة }[ الأنبياء :73 ] أو الملائكة لقوله :{ وإنا لنحن الصافون }[ الصافات :165 ] واعلم أن العلماء ثلاثة أقسام : العلماء بأحكام الله وتكاليفه وشرائعه ، والعلماء بذات الله وصفاته الواجبة والممتنعة وأحوال المبدإ والمعاد ، والعلماء الجامعون بين العلمين المذكورين مع العمل بما يجب العمل به وهم الراسخون في العلم وأنهم أكابر العلماء ، وإلى الأقسام الثلاثة أشار بقوله صلى الله عليه وسلم : " جالس العلماء وخالط الحكماء ورافق الكبراء " اللهم اجعلنا من زمرتهم بفضلك يا مستعان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.