غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

1

{ إن الذين يبايعونك } هي بيعة الرضوان تحت الشجرة كما يجيء في السورة . وقيل : ليلة العقبة وفيه بعد . وسماها مبايعة تشبيهاً بعقد البيع نظيره { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم } [ التوبة : 111 ] { إنما يبايعون الله } لأن طاعة الرسول هي طاعة الله في الحقيقة . ثم أكد هذا المعنى بقوله { يد الله فوق أيديهم } قال أهل المعاني : هذا تمثيل وتخييل ولا جارحة هناك . وقيل : اليد النعمة أي نعمة الله عليهم بالهداية فوق إحسانهم إلى الله بإجابة البيعة كما قال { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم } [ الحجرات : 17 ] قال القفال : هو من قوله صلى الله عليه وسلم : " اليد العليا خير من اليد السفلى " يريد بالعليا المعطية أي الله يعطيهم ما يكون له به الفضل عليهم . وقيل : اليد القوة أي نصرته إياهم فوق نصرتهم لرسوله . وقيل : يد الله بمعنى الحفظ فإن المتوسط بين المتبايعين يضع يده فوق يدهما فلا يترك أن تتفارق أيديهما حتى يتم البيع ، والمراد أن الله تعالى يحفظهم على بيعتهم . ثم زجرهم من نقض العهد وحثهم على الوفاء بقوله { فمن نكث } إلى آخره . والنكث والنقض أخوان . وقوله { فإنما ينكث على نفسه } أي لا يعود ضرر نكثه إلا عليه . قال جابر بن عبد الله : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة على الموت وعلى أن لا نفر ، فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس ، وكان منافقاً اختبأ تحت إبط ناقته ولم يثر مع القوم .

/خ29