غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ} (5)

1

ثم بين طريق الوحي بقوله { علمه } أي الموحي أو محمداً { شديد القوى } وهو جبرائيل عليه السلام أي قواه العلمية والعملية كلها شديدة مدح المعلم ليلزم منه فضيلة المتعلم . ولو قال " علمه جبرائيل عليه السلام " لم يفهم منه فضل المتعلم ظاهراً . وفيه رد على من زعم أنه يعلمه بشر لأن الإنسان خلق ضعيفاً وما أوتي من العلم إلا قليلاً . وفيه أن جبرائيل عليه السلام أمين موثوق به من حيث قوته المدركة والحافظة ولو كان مختل الذهن أو الحفظ لم يوثق بروايته ، وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم كيلا يضيق صدره حين علم بواسطة الملك فكأنه قيل له : ليس لك في ذلك نقص لأنه شديد القوى على أنه قال في موضع آخر { وعلمك ما لم تكن تعلم } [ النساء :113 ] وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله فقال " أدبني ربي فأحسن تأديبي " والمرة القوة . والظاهر أنها القوة الجسمانية كقوله { وزاده بسطة في العلم والجسم } [ البقرة :247 ] فمن قوته أنه قلع قريات قوم لوط وقلبها بجناحه ، وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين ، وكان ينزل إلى الأنبياء ويصعد في لمحة . ويجوز أن يراد بقوله { شديد القوى } قواه الجسمانية .

/خ62