غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{عِندَ سِدۡرَةِ ٱلۡمُنتَهَىٰ} (14)

1

فلما رآه { عند سدرة المنتهى } لم يحتمل أن يكون هناك جن ولا إنس فلم يبق للجدال مجال . أما القائل بالقول الثالث فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بقلبه مرتين . والنزلة إما لله بمعنى الحركة والانتقال عند من يجوز ذلك ، أبو بمعنى قرب الرحمة والإفضال ، وإما للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل عن متن الهوى ومركب النفس . وقيل : أراد بالنزلة ضدها وهي العرجة ، واختير هذه العبارة ليعلم أن هذه عرجة تتبعها النزلة ليست عرجة لا نزلة لها وهي عرجة الآخرة . وعلى القول الأول أيضاً يحتمل أن تكون النزلة لمحمد صلى الله عليه وسلم وذلك أن جبرائيل تخلف عنه في مقام " لو دنوت أنملة لاحترقت " ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم إليه . ومعنى أخرى أنه صلى الله عليه وسلم تردد في أمر الصلاة مراراً فلعله كان ينزل إلى جبرائيل كل مرة لا أقل من نزلتين . أما السدرة فالأكثرون على أنها شجرة في السماء السابعة : وقيل : في السادسة . " نبقها كقلال هجروورقها كآذان الفيلة ، يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها " وقد ورد الحديث بذلك . فعلى هذا { عند } ظرف مكان . ثم إن كان المرئي جبريل فلا إشكال ، إن كان هو الله تعالى فكقول القائل " رأيت الهلال على السطح " وقد مر . وقال بعضهم { عند } ظرف زمان كما يقال : صليت عند طلوع الفجر . والمعنى رآه عند الحيرة القصوى أي في وقت تحار عقول العقلاء فيه ولكنه ما حار ولم يعرض له سدر . وإضافة سدرة إلى المنتهى إما من إضافة الشيء إلى مكانه كما يقال " أشجار البلدة الفلانية كذا " وأشجار الجنة لا تيبس ولا تخلو من الثمار . فالمنتهى حينئذ موضع لا يتعداه ملك ولا يعلم ما وراءه أحد وإليه ينتهي أرواح الشهداء . وإما من إضافة المحل إلى الحال كما يقال " ظرف المداد " أي سدرة هي محل انتهاء الجنة . وإما من إضافة الملك إلى مالكه كما يقال " دار زيد وأشجار عمرو " فيكون التقدير سدرة المنتهى إليه وهو الله سبحانه قال { وأن إلى ربك المنتهى } فالإضافة للتشريف " نحو بيت الله وناقة الله " .

/خ62