غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ} (17)

1

قوله { ما زاغ البصر } فيه وجهان : أشهرهما أنه بصر محمد صلى الله عليه وسلم أي لم يلتفت إلى ما يغشاها . فإن كان الغاشي هو الفراش أو الجراد من ذهب فمعناه ظاهر ويكون ذلك ابتلاء وامتحاناً لمحمد صلى الله عليه وسلم بالأمور الدنيوية ، وإن كان الغاشي أنوار الله فالمراد أنه لم يلتفت إلى غير المقصود ولم يشتغل بالنور عن ذي النور . أو المراد ما زاغ البصر بالصعقة بخلاف موسى عليه السلام . وفي الأول بيان أدب محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي الثاني بيان مزيته . وذهب بعضهم إلى أن اللام للجنس أي ما زاغ بصره أصلاً في ذلك الموضع هيبة وإجلالاً . والظاهر أن الضمير في قوله { وما طغى } للبصر أي ما جاوز حده المعين المأمور برؤيته . ويحتمل أن يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم أي ما زاغ بصره بالميل إلى غير المقصود ، وما طغى محمد بسبب الالتفات . قال بعض العلماء : فيه بيان لوصول محمد صلى الله عليه وسلم إلى سدرة اليقين الذي لا يقين فوقه إذ لم ير الشيء على خلاف ما هو عليه بخلاف الناظر إلى عين الشمس فإنه إذا نظر إلى شيء آخر رآه أبيض أو أصفر أو أخضر .

/خ62