التفسير : من جملة نعم الله تعالى علينا أن خلق أبانا آدم فجعله مسجوداً للملائكة فلذلك ذكر تلك القصة عقيب تذكير النعم ، ونظير هذه الآيات ما سبق في سورة البقرة
{ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم } [ البقرة : 28 ] منع من المعصية بقوله : { كيف تكفرون } ثم علل ذلك المنع بكثرة نعمه على المكلفين وهو أنهم كانوا أمواتاً فأحياهم ثم خلق لهم ما في الأرض جميعاً من المنافع ، ثم ختم ذلك بقصة جعل آدم خليفة في الأرض مسجوداً للملائكة ، والغرض من الكل أن التمرد والجحود لا يليق بإزاء هذه النعم الجسام . وقصة آدم وما جرى له مع إبليس ذكرها الله في سبعة مواضع : في «البقرة » وهاهنا وفي «الحجر » وفي «سبحان » وفي «الكهف » وفي «طه » وفي «ص » وسنبين بعض حكمة اختلاف العبارات بقدر الفهم إن شاء الله تعالى . وهاهنا سؤال وهو أن قوله : { ولقد خلقناكم ثم صوّرناكم ثم قلنا } يقتضي أن أمر الملائكة بالسجود لآدم وقع بعد خلقنا وتصويرنا والأمر في الواقع بالعكس . وأجاب المفسرون بوجوه منها : أن المضاف محذوف أي خلقنا أباكم آدم طيناً غير مصوّر ثم صورنا أباكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا . وإنما حسن هذه الكناية لأن آدم عليه السلام أصل البشر نظير قوله لبني إسرائيل المعاصرين { وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور } [ البقرة : 63 ] أي ميثاق أسلافكم . وقال صلى الله عليه وسلم : ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل . وإنما قتله أحدهم . ومنها أن المراد من خلقناكم آدم ثم صورناكم أي صورنا ذرية آدم في ظهره في صورة الذر ثم قلنا للملائكة وهذا قول مجاهد . ومنها خلقناكم ثم صورناكم ثم نخبركم أنا قلنا للملائكة . ومنها أن الخلق في اللغة التقدير وتقدير الله تعالى عبارة عن علمه بالأشياء ومشيئته بتخصيص كل شيء بمقداره المعين له . فقوله : { خلقناكم } إشارة إلى حكم الله وتقديره لإحداث البشر في هذا العالم . وقوله : { صورناكم } إشارة إلى أنه تعالى أثبت في اللوح المحفوظ صورهم كما أنه أثبت صور كل كائن كما جاء في الخبر «اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة » . ثم بعد هذين الأمرين أحدث الله تعالى آدم وأمر الملائكة بالسجود له . قال الإمام فخر الدين رضي الله عنه . وهذا التأويل عندي أقرب الوجوه في تأويل هذه الآية . وأما أن إبليس هل هو من الملائكة أم لا فقد تقدم في أوائل سورة البقرة فلا وجه لإعادته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.