غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ يَنَالُهُمۡ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوۡنَهُمۡ قَالُوٓاْ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ كَٰفِرِينَ} (37)

35

ثم قطع شأن الجاحدين بقوله : { فمن أظلم من افترى على الله كذباً أو كذب بآياته } والأول الحكم بوجود ما لم يوجد كأقوال أصناف المشركين وطوائف المبتدعة . والثاني إنكار حكم وجد من نبي أو كتاب . ثم أخبر عن عاقبة أمرهم فقال { أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب } قيل : أي العذاب المعين من سواد الوجه وزرقة العين .

وقال الزجاج : أي أنواع البلايا المعدة لكل صنف منهم من السلاسل والأغلال وغيرها على مقدار ذنوبهم ، وقيل : هم اليهود والنصارى يجب علينا إذا كانوا في ذمتنا أن ننصفهم ولا نتعدى عليهم وأن نذب عنهم فذلك معنى النصيب . وعن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير أن النصيب هو ما سبق لهم في حكم الله تعالى ومشيئته من الشقاوة والسعادة والختم على الكفر والشرك ، أو على الإيمان والتوحيد . وقال الربيع وابن زيد : يعني ما كتب لهم من الأرزاق والأعمال والأعمار كأنه سبحانه بيّن أنهم وإن بلغوا في الكفر ذلك المبلغ العظيم إلا أن ذلك ليس بمانع من أن ينالهم ما قدر لهم من رزق وعمر تفضلاً من الله تعالى لكي يصلحوا ويتوبوا ويؤكد هذا التفسير قوله عقيب ذلك { حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم } وذلك أن «حتى » هي التي يبتدأ بعدها الكلام وأنه هاهنا جملة شرطية فدل على أن مجيء الرسل المتوفين كالغاية ، فحصول ذلك النصيب يكون مقدماً على حصول الوفاة وليس ذلك إلا العمر والرزق . ومحل { يتوفونهم } نصب على الحال من الرسل . قال ابن عباس : هم ملك الموت وأعوانه وإنهم يطالبون الكفار بهذه الأشياء عند الموت على سبيل الزجر والتوبيخ . وقال الحسن والزجاج : إن هذا يكون في الآخرة والرسل ملائكة العذاب يتوفون عدّتهم عند حشرهم إلى النار أي يستكملون عدّتهم حتى لا ينفلت منهم أحد . قال في الكشاف : «ما » وقعت موصولة بأين في خط المصحف قلت : وإني رأيت النقل على العكس كما ذكرته في المقدمة السابقة من مقدمات الكتاب ، ومعنى الآية أي الآلهة التي تدعون أي تعبدونهم وتدعونهم في الشدائد { قالوا } على سبيل الاعتراف والعود إلى الإنصاف { ضلوا عنا } أي غابوا وذهبوا ولم ننتفع بهم { وشهدوا على أنفسهم } بالاعتراف أو بشهادة الجوارح عند معاينة الموت { أنهم كانوا كافرين }

/خ43