مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ} (42)

فَلَمَّا جَاءتْ } بلقيس { قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ } «ها » للتنبيه والكاف للتشبيه و «ذا » اسم إشارة ولم يقل «أهذا عرشك » ولكن أمثل هذا عرشك لئلا يكون تلقيناً { قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } فأجابت أحسن جواب فلم تقل «هو هو » و «لا ليس به » وذلك من رجاحة عقلها حيث لم تقطع في المحتمل للأمرين ، أو لما شبهوا عليها بقولهم : { أهكذا عرشك } شبهت عليهم بقولها { كَأَنَّهُ هُوَ } مع أنها علمت أنه عرشها { وَأُوتِينَا العلم مِن قَبْلِهَا } من كلام بلقيس أي وأوتينا العلم بقدرة الله تعالى وبصحة نبوتك بالآيات المتقدمة من أمر الهدهد والرسل من قبل هذه المعجزة أي إحضار العرش أو من قبل هذه الحالة { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } منقادين لك مطيعين لأمرك ، أو من كلام سليمان وملئه عطفوا على كلامها قولهم : وأوتينا العلم بالله وبقدرته وبصحة ما جاء من عنده قبل علمها ، أو أوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة من قبل مجيئها وكنا مسلمين موحدين خاضعين .