مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ} (42)

أما قوله : { أهكذا عرشك } فاعلم أن هكذا ثلاث كلمات ، حرف التنبيه وكاف التشبيه واسم الإشارة ، ولم يقل أهذا عرشك ، ولكن أمثل هذا عرشك لئلا يكون تلقينا فقالت : { كأنه هو } ولم تقل هو هو ولا ليس به وذلك من كمال عقلها حيث توقفت في محل التوقف .

أما قوله : { وأوتينا العلم من قبلها } ففيه سؤالان ، وهو أن هذا الكلام كلام من ؟ وأيضا فعلى أي شيء عطف هذا الكلام ؟ وعنه جوابان : الأول : أنه كلام سليمان وقومه ، وذلك لأن بلقيس لما سئلت عن عرشها ، ثم إنها أجابت بقولها : { كأنه هو } فالظاهر أن سليمان وقومه قالوا إنها قد أصابت في جوابها وهي عاقلة لبيبة وقد رزقت الإسلام ، ثم عطفوا على ذلك قولهم وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته قبل علمها ويكون غرضهم من ذلك شكر الله تعالى في أن خصهم بمزية التقدم في الإسلام الثاني : أنه من كلام بلقيس موصولا بقولها : { كأنه هو } والمعنى : وأوتينا العلم بالله وبصحة نبوة سليمان قبل هذه المعجزة أو قبل هذه الحالة ، ثم أن قوله : { وصدها ما كانت تعبد من دون الله } إلى آخر الآية يكون من كلام رب العزة .