فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ} (42)

{ فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ( 42 ) وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ ( 43 ) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 44 ) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ( 45 ) }

{ فلما جاءت } بلقيس إلى سليمان { قيل } لها والقائل هو سليمان أو غيره بأمره : { أهكذا عرشك ؟ } الذي تركته في قصرك ، وأغلقت عليه الأبواب ، وجعلت عليه حرسا ، والهمزة للاستفهام ، ولم يقل : ( هذا عرشك ) لئلا يكون ذلك تلقينا لها فلا يتم الاختبار لعقلها .

{ قالت كأنه هو } أي : فأجابت أحسن جواب ، فلم تقل : هو هو ، ولا ليس به ، وذلك من رجاحة عقلها حيث لم تقع في المحتمل للأمرين . قال مجاهد : جعلت تعرف وتنكر ، وتعجب من حضوره عند سليمان فقالت : كأنه هو ، وقال مقاتل : عرفته ولكنها شبهت عليهم كما شبهوا عليها ، ولو قيل لها : أهذا عرشك ؟ لقالت نعم . وقال عكرمة : كانت حكيمة ، قال : إن قلت : هو خشيت أن أكذب ، وإن قلت : لا خشيت أن أكذب فقالت : كأنه هو .

{ وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين } قيل : هو من كلام بلقيس ، أي : وأوتينا العلم بصحة نبوة سليمان من قبل هذه الآية في العرش ، وكنا منقادين لأمره ، وقيل : هو من قول سليمان أي : وأوتينا العلم بقدرة الله من قبل بلقيس ، وقيل العلم بإسلامها ، مجيئها طائعة من قبل مجيئها ، وقيل : هو من كلام قوم سليمان ، والقول الثاني أرجح من سائر الأقوال ، وبه قال مجاهد ، وعن زهير بن محمد نحوه .