مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

{ يابنى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ } لباس زينتكم { عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ } كلما صليتم . وقيل : الزينة المشط والطيب ، والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئاته للصلاة لأن الصلاة مناجاة الرب فيستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر { وَكُلُواْ } من اللحم والدسم { واشربوا وَلاَ تُسْرِفُواْ } بالشروع في الحرام أو في مجاوزة الشبع { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين } وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كل ما شئت ، واشرب ما شئت ، والبس ما شئت ، ما أخطأتك خصلتان : سرف ومخيلة . وكان للرشيد طبيب حاذق فقال لعليّ بن الحسين بن واقد : ليس في كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان : علم الأبدان وعلم الأديان . فقال له عليّ : قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه وهو قوله { وكُلُواْ واشربوا وَلاَ تُسْرِفُواْ } فقال النصراني : ولم يرو عن رسولكم شيء في الطب فقال : قد جمع رسولنا الطب في ألفاظ يسيرة وهي قوله عليه السلام « المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته » فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً . ثم استفهم إنكاراً على محرم الحلال بقوله .