تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{۞يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

{ 31 } { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }

يقول تعالى - بعد ما أنزل على بني آدم لباسا يواري سوءاتهم وريشا : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } أي : استروا عوراتكم عند الصلاة كلها ، فرضها ونفلها ، فإن سترها زينة للبدن ، كما أن كشفها يدع البدن قبيحا مشوها .

ويحتمل أن المراد بالزينة هنا ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن ، ففي هذا الأمر بستر العورة في الصلاة ، وباستعمال التجميل فيها ونظافة السترة من الأدناس والأنجاس .

ثم قال : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا } أي : مما رزقكم اللّه من الطيبات { وَلَا تُسْرِفُوا } في ذلك ، والإسراف إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات الذي يضر بالجسم ، وإما أن يكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل والمشارب واللباس ، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام .

{ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } فإن السرف يبغضه اللّه ، ويضر بدن الإنسان ومعيشته ، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات ، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب ، والنهي عن تركهما ، وعن الإسراف فيهما .

{ 32 - 33 } { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }