الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

قوله : { يا بني آدم خذوا زينتكم }[ 31 ] الآية .

هذا خطاب لهؤلاء القوم الذين كانوا يتعرون{[23437]} في الطواف ، فأمروا بالكسوة { عند كل مسجد }{[23438]}[ 31 ] .

قال السدي : " الزينة " ، ما يواري العورة{[23439]} ، قال : وكانوا يحرمون الودك{[23440]} ما أقاموا بالموسم ، فقال لهم الله ( عز وجل ){[23441]} : { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا }[ 31 ] ، أي : في التحريم{[23442]} .

وقال ابن زيد : { [ و{[23443]} ] لا تسرفوا } : لا تأكلوا حراما{[23444]} .

[ و{[23445]} ] قال علي رضي الله عنه : ليس{[23446]} في الطعام سرف{[23447]} .

قال ابن عيينة{[23448]} : ليس{[23449]} في الحلال سرف ؛ إنما السرف في ارتكاب المعاصي{[23450]} . ( والإسراف أن يأكل ما{[23451]} لا يحل أكله مما حرم الله ، عز وجل ، أن يؤكل منه شيء ، أو تأكل مما أحل لك فوق القصد ومقدار الحاجة ، فأعلم الله ، عز وجل ، أنه لا يحب من أسرف ، ومن لم يجبه الله ، عز وجل ، فهو في النار{[23452]} ، نعوذ بالله من النار ){[23453]} .

وروى قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم{[23454]} ، قال في قوله [ تعالى ]{[23455]} { خذوا زينتكم عند كل مسجد } ، قال{[23456]} : صلوا في النعال{[23457]} .

فستر العورة فرض بهذه الآية على{[23458]} أبصار جميع الناظرين ، إلا الأزواج ، أو ما ملكت{[23459]} الأيمان{[23460]} .

وقيل معنى : { ولا تسرفوا } ، [ أي ]{[23461]} : لا تحرموا الحلال ، كما حرم أهل الجاهلية البحيرة ، والسائبة ، وغير ذلك{[23462]} .


[23437]:في الأصل: يتعدون، وهو تحريف، والتصويب من ج، وجامع البيان 12/389.
[23438]:الخطاب هنا يشمل ذرية آدم جميعها، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، "فإن الآية قد كانت تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب خاص من الأمور، والحكم بها على العام، بل عامة آي القرآن كذلك" جامع البيان 12/177. وانظر: سبب نزول الآية في جامع البيان 12/390، وأسباب النزول للواحدي 228، 229، وتفسير ابن كثير 2/210.
[23439]:جامع البيان 12/393، بلفظ: "....ما يواري العورة عند كل مسجد".
[23440]:الودك: (محركة)، دسم اللحم، كما في المختار/ودك. وفي حديث الأضاحي: ويحملون منه الودك، هو دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه. اللسان/ودك.
[23441]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23442]:جامع البيان 12/395، وتفسير ابن كثير 2/210، بتصرف يسير في اللفظ.
[23443]:زيادة من ج.
[23444]:تفسير القرطبي 7/125، وورد في جامع البيان 12/395، وزاد المسير 3/187، وتفسير ابن كثير 2/210، والدر المنثور 3/443، بلفظ: "لا تأكلوا حراما، ذلك الإسراف".
[23445]:زيادة من ج.
[23446]:في ج، ما بين "ليس" و"في" كلمة لم أتبينها، لعلها "الثياب" أو "الشراب"، وبعدها: "ولا في الطعام سرف".
[23447]:لم أقف عليه فيما تيسر لي من مصادر.
[23448]:في الأصل: ابن عتيبة، ولعل ما أثبته هو الصحيح إن شاء الله تعالى.
[23449]:في ج، يعني: ليس في الحلال....
[23450]:وهو قول ابن عباس في المحرر الوجيز 2/393، والبحر المحيط 4/292.
[23451]:في الأصل: "بما"، ولا يستقيم به المعنى، وأثبت ما في معاني القرآن للزجاج 2/333. معاني القرآن وإعرابه للزجاج2/333.
[23452]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23453]:في ج: عليه السلام.
[23454]:زيادة من ج.
[23455]:في الأصل: قالوا: وأثبت ما في ج.
[23456]:لم يصح. نص على ذلك أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن 2/780، وابن عطية في المحرر الوجيز 2/392، قال: "وذكر مكي حديثا...، وما أحسبه يصح" والقرطبي في تفسيره 7/123، والحافظ ابن كثير في تفسيره 2/210.
[23457]:ال الشوكاني في فتح القدير،2/231، "والأحاديث في مشروعية الصلاة في النعل كثيرة جدا، وأما كون ذلك هو تفسير الآية كما روي في هذين الحديثين فلا أدري كيف إسنادهما".
[23458]:في الأصل: عن، وأثبت ما اجتهدت في قراءته في ج.
[23459]:في الأصل: مالكت، وهو تحريف.
[23460]:وقد استدل بالآية على وجوب ستر العورة في الصلاة. وإليه ذهب جمهور أهل العلم، بل سترها واجب في كل حال من الأحوال، وإن كان الرجل خاليا كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، حسب فتح القدير 2/230. وانظر: مزيد بيان عن ستر العورة، في أحكام ابن العربي 2/778، 779، وتفسير القرطبي 7/122،123، وغيرها من كتب الفروع.
[23461]:زيادة من ج.
[23462]:لم أقف على قائله، ولم أجده بهذا اللفظ فيما لدي من مصادر، وفي زاد المسير 3/187: "....لا تسرفوا بتحريم ما أحل لكم. قاله ابن عباس". وانظر: جامع البيان 12/395.