محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ مِّنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُمۡ إِذَا لَهُم مَّكۡرٞ فِيٓ ءَايَاتِنَاۚ قُلِ ٱللَّهُ أَسۡرَعُ مَكۡرًاۚ إِنَّ رُسُلَنَا يَكۡتُبُونَ مَا تَمۡكُرُونَ} (21)

/ ثم أكد تعالى ما هم عليه من العناد واللجاج ، مشيرا إلى أنهم لا يذعنون ولو أجيبوا لمقترحهم ، بما يعهد منهم من عدولهم عنه تعالى بعد كشفهم ضرهم ، إلى الإشراك ، بقوله :

[ 21 ] { وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون 21 } .

{ وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم } أي خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم { إذا لهم مكر في آياتنا } أي يتبين مكرهم ويظهر كامن شرهم ، فهم في وقت الضراء في الإقبال عليه تعالى لكشفها ، كالمخادع الذي يظهر خلاف ما يبطن ، ثم ينجلي أمره بعد : { قل الله أسرع مكرا } أي عقوبة ، أي عذابه أسرع وصولا إليكم مما يأتي منكم في دفع الحق . وتسمية العقوبة بالمكر ، لوقوعها في مقابلة مكرهم وجودا أو ذكرا . { إن رسلنا } أي الذين يحفظون أعمالكم { يكتبون ما تمكرون } أي مكركم ، أو ما تمكرونه . وهو تحقيق للانتقام ، وتنبيه على أن ما دبروا في إخفائه غير خاف على الحفظة ، فضلا عن العليم الخبير .