محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُۥ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِمۡ نُفُورٗا} (46)

[ 46 ] { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورا 46 } .

{ وجعلنا على قلوبهم أكنة } أي أغطية كثيرة ، جمع ( كنن ) { أن يفقهوه } أي كراهة أن يفقهوه { وفي آذانهم وقرا } أي صمما يمنعهم من استماعه . وذلك ما يتغشاها من خذلان الله تعالى إياها ، عن فهم ما يتلى عليهم والإنصات له .

/ قال أبو السعود : هذه تمثيلات معربة عن كمال جهلهم بشؤون النبي صلى الله عليه وسلم . وفرط نبوّ قلوبهم عن فهم القرآن الكريم ، ومجّ أسماعهم له ، جيء بها بيانا لعدم فقههم لتسبيح لسان المقال ، إثر بيان عدم فقههم لتسبيح لسان الحال . وإيذانا بأن هذا التسبيح من الظهور بحيث لا يتصور عدم فهمه ، إلا لمانع قوي يعتري المشاعر فيبطلها . تنبيها على أن حالهم هذا أقبح من حالهم السابق .

{ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده } أي غير مشفوع بذكره ذكر شيء من آلهتهم { ولّوا على أدبارهم نفورا } أي هربا من استماع التوحيد . قال القاشاني : لتشتّت أهوائهم ، وتفرق همهم في عبادة متعبداتهم ، من أصنام الجسمانيات والشهوات . فلا يناسب بواطنهم معنى الوحدة لتألفها بالكثرة واحتجاجها بها .