الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُۥ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِمۡ نُفُورٗا} (46)

ثم قال/ : { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهون } [ 46 ] .

أي : جعلنا على قلوبهم أغشية تغشاها{[41120]} فلا تفهم{[41121]}ما تقرأ .

والأكنة : جمع كنان{[41122]} : " أن يفقهوه " {[41123]} : أي : كراهة أن يفقهوه{[41124]} وقيل : معناه [ ا{[41125]} ] لا يفقهوه{[41126]} .

ثم قال : { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده } [ 46 ] .

[ أي{[41127]} ] : إذا قلت لا إله إلا الله في القرآن { ولو على أدبارهم نفورا } [ 46 ] أي : انفضوا عنك وذهبوا نفورا من قولك واستعظاما من توحيد الله جل{[41128]} ذكره{[41129]} . وقال عبد الله بن الحسن : هو قوله : بسم الله الرحمن الرحيم{[41130]} . وقال ابن زيد " نفورا " بغضا لما تكلم به لئلا يسمعوه كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به نوح [ صلى الله عليه وسلم ] من الاستغفار والأمر بالتوحيد{[41131]} .

وروي عن ابن عباس : أنه عني به الشياطين إذا سمعوا ذكر الله [ عز وجل{[41132]} ] وحده في القرآن هربوا{[41133]} .

ووحده : منصوب عند سيبويه على المصدر{[41134]} . ولا يكون إلا مضافا ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في ذاته ، فإذا قلت جاءني زيد وحده ، فكأنك قلت أفرد زيد نفسه بمجيئه إلي إفرادا . أي : لم يأتني مع غيره . وإذا قلت : رأيت القوم وحدهم{[41135]} . فمعناه : أفردتهم برؤيتي{[41136]} لهم أفرادا . أي : لم أجاوزهم إلى غيرهم . فكأنه مصدر عمل فيه فعال{[41137]} في معناه من غير لفظه .

فأما قولهم : هو نسيج وحده . فهو مجرور في هذا المثل . ومعناه{[41138]} : المدح للرجل المنفرد برأيه . وهو مأخود من الثوب النفيس الذي لا ينسج على منواله [ غيره{[41139]} ] . وكذلك قولهم : هو عيير{[41140]} وحده وجحيش وحده{[41141]} أتى مخفوضا مضافا إليه ، ولا يقاس على هذه{[41142]} الثلاثة غيرهما .

فأما قولهم : رأيتهم ثلاثتهم وخميستهم ، ونحوه من العدد فيحسن نصبه على المصدر كأنك قلت : ثلثتهم تثليثا وخمستهم تخميسا .

وبعضهم يجر[ ي ]ه{[41143]} على ما قبله من الأعراب . يجعله بمنزلة كلهم . فيقول{[41144]} : فعلنا ذلك خمستنا{[41145]} ، فيرفع{[41146]} كما تقول : كلنا .

وإن شئت نصبت على المصدر وكذلك : مروا خمستنا{[41147]} . وخمستنا تخفض على التأكيد للمضمر المخفوض وينصب على المصدر ، وترفع على التأكيد للمضمر المرفوع .


[41120]:ق: "يغشاها".
[41121]:ق: "يفهم".
[41122]:انظر: هذا المعنى في غريب القرآن 255 ومعاني الزجاج 3/242 والجامع 10/176.
[41123]:ق "أن يفقهون" وهو خطأ.
[41124]:وهو قول الزجاج، انظر: معاني الزجاج 3/243 والجامع 10/176.
[41125]:ساقط من ط.
[41126]:ط "يفهموه أحد" وذكر هذا القول الزجاج، انظر: معاني الزجاج 3/243، والجامع 10/176.
[41127]:ط: "يفهموه أحد" وذكر هذا القول الزجاج، انظر: معاني الزجاج 3/243، والجامع 10/176.
[41128]:ط: "عز وجل ....".
[41129]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/95.
[41130]:انظر: هذا القول في الجامع 10/176 وفيه أنه قول علي بن الحسين.
[41131]:انظر: قوله في جامع البيان 15/94، والدر 5/298.
[41132]:ساقط من ق.
[41133]:انظر: قوله في جامع البيان 15/95، والدر 5/298.
[41134]:انظر: قوله في إعراب النحاس 1/377.
[41135]:ق: "وحده".
[41136]:ط: "يروني".
[41137]:ط: فعل.
[41138]:ق: "ومعنى".
[41139]:ساقط من ق.
[41140]:ق: "عبير".
[41141]:في القاموس (عير): "وعبير وحده. أي معجب برأيه" وفيه (جحش): "هو جحيش وحده أي مستبد برأيه" وفي اللسان (وحد): "وعبير وحده وجحيش وحده، وهما دم".
[41142]:ق : هذا.
[41143]:ساقط من ق.
[41144]:ط "فتقول".
[41145]:ط: خمسا.
[41146]:ق: فترفع.
[41147]:ط: زاد: "وخمستنا وتقول قوموا بنا خمستنا".