فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُۥ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِمۡ نُفُورٗا} (46)

{ وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } الأكنة : جمع كنان . وقد تقدّم تفسيره في الأنعام ، وقيل : هو حكاية لما كانوا يقولونه ، من قولهم : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } [ البقرة : 88 ] { وفي آذننا وقر ومن بينا وبينك حجاب } [ فصلت : 5 ] . و{ أَن يَفْقَهُوهُ } مفعول لأجله ، أي : كراهة أن يفقهوه ، أو لئلا يفقهوه ، أي : يفهموا ما فيه من الأوامر والنواهي والحكم والمعاني { وفي آذانهم وقرا } أي : صمماً وثقلاً ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : أن يسمعوه . ومن قبائح المشركين أنهم كانوا يحبون أن يذكر آلهتهم كما يذكر الله سبحانه ، فإذا سمعوا ذكر الله دون ذكر آلهتهم نفروا عن المجلس ، ولهذا قال الله : { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده } أي : واحداً غير مشفوع بذكر آلهتهم ، فهو مصدر وقع موقع الحال { وَلَوْا على أدبارهم نُفُوراً } هو مصدر ، والتقدير : هربوا نفوراً ، أو نفروا نفوراً ؛ وقيل : جمع نافر كقاعد وقعود . والأوّل أولى . ويكون المصدر في موضع الحال أي : ولوا نافرين .

/خ48