قوله : { وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } يعني جعلنا أعمالهم على قلوبهم أغطية ، حتى لا يرغبوا في الحق ؛ ويقال : { جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة } يعني : الجن والشياطين حجاباً مستوراً ، فلا يصلون إليك ؛ وقال الكلبي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا القرآن ، ستره الله وحجبه عن المشركين بثلاث آيات ، إذا قرأهن حجب عنهم . إحداهن في سورة الكهف { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بأايات رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إلى الهدى فَلَنْ يهتدوا إِذاً أَبَداً } [ الكهف : 57 ] والآية الثانية في النحل { أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وأبصارهم وأولئك هُمُ الغافلون } [ النحل : 108 ] والثالثة في حم الجاثية { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غشاوة فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } [ الجاثية : 23 ] الآية .
ثم قال : { وَفي آذانهم وقرا } ، أي صمماً وثقلاً لا يسمعون الحق . قرأ ابن كثير { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إلى ذِى العرش سَبِيلاً } [ الإسراء : 42 ] بالياء ، وكذلك في قوله : { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا } [ الإسراء : 43 ] ، وكذلك { فِى بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والاصال } [ النور : 36 ] الثلاثة كلها بالياء على معنى المغايبة ؛ وقرأ حمزة والكسائي كلهن بالتاء على معنى المخاطبة ولفظ التأنيث ؛ وقرأ نافع وابن عمر الأول خاصة بالتاء والآخرين بالياء ، وقرأ أبو عمرو الأوسط بالياء ، واختلفوا عن عاصم في رواية حفص الآخر خاصة بالياء ، وروى أبو بكر مثل ابن عامر .
قوله تعالى : { وَإذا ذكرت ربك في القرآن وحده } ، يعني : وحدانيته ، قول لا إله إلا الله . { وَلَّوْاْ على أدبارهم نُفُوراً } ، أي أعرضوا تباعداً عن الإيمان ؛ وقال القتبي : ولوا على أدبارهم هرباً وهو مثل ما قال مقاتل ؛ وذلك حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :
« قُولُوا لا إله إلاَّ اللَّهُ تَتَمَلَّكُوا بِهَا العَرَبَ وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا العَجَمُ » فنفروا من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.