محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (201)

{ ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار 201 } .

{ ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا والآخرة ، وصرفت كل شر ، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ، ودار رحبة ، وزوجة حسنة ، ورزق واسع ، وعلم نافع ، وعمل صالح ، ومركب هيّن ، وثناء جميل . . . إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ولا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا . وأما الحسنة في الآخرة : فأعلى ذلك رضوان الله تعالى ودخول الجنة ، وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات ، وتيسير الحساب . . . وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة . وأما النجاة من النار : فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام ، وترك الشبهات والحرام .

وقد ورد في السنة الترغيب في هذا الدعاء ، فقد كان يقول صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري{[1165]} عن أنس .

/ وروى الإمام أحمد{[1166]} : سأل قتادة أنسا : ( أي دعوة كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ؟ قال : كان أكثر دعوة يدعو بها يقول : اللهم { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } . وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها ، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه ! ) ورواه مسلم{[1167]} . وهذا لفظه .

وروى الإمام الشافعي عن عبد الله بن السائب : ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن بني جمح والركن الأسود : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة . . . } الآية ) .


[1165]:أخرجه البخاري في: 80 – كتاب الدعوات، 55 – باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة}، حديث 1974. ونصه: عن أنس قال: (كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم! {ربنا آتنا في الدنيا وحسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}).
[1166]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده بالصفحة 101 من الجزء الثالث (طبعة الحلبي).
[1167]:أخرجه مسلم في: 48 ـ كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث 26 (طبعتنا).