الآيات 200-202 وقوله تعالى : ( فاذكروا الله كذكركم آبائكم ) قيل فيه بوجهين : قيل : إنهم في الجاهلية كانوا إذا قضوا المناسك يجتمعون في مكان ، ويذكرون آباءهم ومناقبهم ، يفتخرون بذلك ، فلما أسلموا أمرهم أن يذكروا ربهم في الإسلام كذكرهم آباءهم في الجاهلية ( أو أشد ذكرا ) فإنه أولى بذلك من الآباء .
وقيل : إن يكونوا يذكرون آباءهم : ما أنعم عليهم ، وأحسن إليهم ، فقال : اذكروا لي فيما تذكرون آباءكم{[2351]} مكان آبائكم ما أنعمت عليكم [ وعلى آبائكم ]{[2352]} ، فاجعلوا ذلك لي دون آبائكم .
وقوله : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ) الآية في قوم لا يؤمنون بالبعث والإحياء بعد الموت ؛ [ طلبوا ]{[2353]} خيرات الدنيا ، ولم يطلبوا الخيرات في الآخرة ، فأعطوا ما سألوا من حسنات الدنيا ، وهو كقوله : ( ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) [ الشورى : 20 ] ، فأعطوا ما سألوا من نصيب ، [ وكقوله فيها ]{[2354]} : ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ) أي يؤت حرث الدنيا والآخرة ؛ فمن كان ركونهم إلى الدنيا ومثلهم إليها لم يركنوا إلى دعاء غيرها . وأما من آمن بالبعث والإحياء بعد الموت فإنهم سألوا خيرات الدنيا والآخرة جميعا بقوله : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ؛ طلبوا حسنات الدنيا لأن الدنيا جعلها محل الزاد للآخرة لأنها جعلها لهم ، إنما خلقهم للآخرة كقوله : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) [ البقرة : 197 ] .
ثم اختلف في الحسنة في الدنيا والحسنة في الآخرة ؛ قيل : حسنة الدنيا العلم والعبادة ، وحسنة الآخرة الجنة والمغفرة ، وقيل : حسنة الدنيا النصر والرزق ، وحسنة الآخرة الرحمة والرضوان ، وكله واحد .
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن لله عبادا يحيون في عافية ، ويموتون في عافية ، ويدخلون الجنة في عافية ، قيل : يا رسول الله بم ؟ {[2355]} قال : بكثرة قولهم : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) " [ الطبراني في الأوسط : 3127 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.