تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (201)

{ ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } .

200

المفردات :

حسنة الدنيا : هي العافية أو المرأة الصالحة أو الأولاد البررة ، أو العلم والمعرفة .

حسنة الآخرة : هي الجنة أو رؤية الله تعالى والأولى التعميم في كل هذا .

التفسير :

إنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء ثم يطلبون الحسنة في الدارين ولا يحددون نوع الحسنة ، بل يدعون اختيارها لله والله يختار لهم ما يراه حسنة لهم .

حسنة في الدنيا والآخرة :

قال القرطبي : واختلف في تأويل الحسنتين على أقوال عديدة ، فروى عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الحسناء وفي الآخرة الحور العين .

{ وقنا عذاب النار } : المرأة السوء .

وقلت وهذا فيه بعد ولا يصح عن علي لأن النار حقيقة في النار المحرقة وإطلاق المرأة على النار تجوز .

وقال قتادة : حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال . وقال الحسن : حسنة الدنيا العلم والعبادة وقيل غير هذا .

والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدنيا والآخرة ، وهذا هو الصحيح فإن اللفظ يقتضي هذا كله .

فإن حسنة : نكرة في سياق الدعاء ، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل ، وحسنة الآخرة الجنة بإجماع .

وقيل : لم يرد حسنة واحدة ، بل أراد أعطنا في الدنيا حسنة فحذف الاسم( 125 ) .

فضل الدعاء بهذه الآية :

هذه الآية من جوامع ادعاء لأنها جمعت بين خيرا الدنيا والآخرة .

وفي الصحيحين عن أنس قال : " كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

" اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " قال : فكان أنس إذا أراد أن يدعو دعا بها فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه( 126 ) .

وقد ذكرت الآيتان من يطلب الدنيا وحدها ، ومن يطلبها في الآخرة ، ولم تذكر من يطلب الآخرة وحدها لأن الدنيا مزرعة الآخرة ، وهي نعم المطية في الجنة ، والضرب في مناكبها طلبا للرزق عبادة والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف .

وفي الآية إيماء إلى أن الغلو في الدين والتشدد فيه مذموم خارج سنن الفطرة وقد نهى الله أهل الكتاب عند وذمهم عليه . ونهى الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم .

{ وقنا عذاب النار } أي احفظنا من عذابها بالتوفيق للطاعة ، والتنفير من المعصية .