غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (201)

والحسنتان في دعاء الصالحين . أما في الدنيا فالصحة والأمن والكفاية والولد الصالح والزوجة الصالحة والنصرة على الأعداء ، وقد سمى الله تعالى الخصب والسعة في الرزق وما أشبه ذلك حسنة { أن تصبك حسنة تسؤهم } [ التوبة : 50 ] { قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين } [ التوبة : 52 ] قيل : إما النصرة وإما الشهادة . وأما في الآخرة فالفوز بالثواب والخلاص من العقاب ، ولأن دفع الضرر أهم من جلب النفع . صرح بذلك في قوله { وقنا عذاب النار } وهذه بالجملة كلمة جامعة لجميع خيرات الدنيا والآخرة . روى حماد بن سلمة عن ثابت أنهم قالوا لأنس : ادع لنا فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قالوا : زدنا فأعادها قالوا : زدنا قال : فما تريدون سألت لكم خير الدنيا والآخرة . وعن علي رضي الله عنه الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة ، وفي الآخرة الحوراء . وعذاب النار امرأة السوء . وقيل : الحسنة في الدنيا العمل النافع وهو الإيمان والطاعة ، وفي الآخرة التنعم بذكر الله والإنس به وبرؤيته . قلت : لا تلذذ في الدنيا والآخرة إلا بهذا .

الجسم مني للجليس مجالس *** وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

وعن قتادة الحسنتان طلب العافية في الدارين . وعن الحسن : هي في الدنيا فهم كتاب الله ، وفي الآخرة الجنة . ومنشأ البحث مجيء الحسنة منكرة في حيز الإثبات ، فكل من المفسرين حمل اللفظ على ما رآه أحسن أنواع الحسنة عقلاً أو شرعاً . ويمكن أن يقال : التنوين للتعظيم أي حسنة وأي حسنة أو يريد حسنة توافق حال الداعي وحكمة المدعو ، وفيه من حسن الطلب ورعاية الطلب ورعاية الأدب ما ليس في التصريح به فإنه لا يكون إلا ما يشاء أو يريد حسنة ما وإن كانت قليلة ، فإن النظر إلى المنعم لا إلى الإنعام . قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل .

/خ203