الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (201)

{ وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } وهم النبيّ والمؤمنون .

واختلفوا في معنى الحسنتين .

فقال علي رضي الله عنه : في الدنيا حسنة إمرأة صالحة وفي الآخرة الحسنة الحور العين . { وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } المرأة السوء .

قال الحسن : في الدنيا حسنة : العلم والعبادة وفي الآخرة حسنة : الجنّة والرضوان .

السّدي و[ ابن حيان ] : في الدنيا حسنة رزقاً حلالاً واسعاً وعملاً صالحاً وفي الآخرة حسنة الثواب والمغفرة .

عطية : في الدنيا حسنة العلم والعمل وفي الآخرة حسنة تيسير الحساب ودخول الجنّة .

وقيل : في الدنيا حسنة التوفيق والعصمة وفي الآخرة حسنة النجاة والرحمة . وقيل : في الدنيا حسنة أولاداً أبراراً وفي الآخرة حسنة موافقة الأنبياء .

وقيل : في الدنيا حسنة المال والنعمة وفي الآخرة حسنة تمام النعمة وهو الفوز والخلاص من النّار ودخول الجنّة .

وقيل : في الدنيا حسنة الدين واليقين وفي الآخرة حسنة اللقاء والرضا .

وقيل : في الدنيا حسنة الثبات على الإيمان وفي الآخرة حسنة السلامة والرضوان .

وقيل : في الدنيا حسنة الاخلاص وفي الآخرة حسنة الخلاص .

وقيل : في الدنيا حسنة حلاوة الطاعة وفي الآخرة حسنة لذة الروية .

قتادة : في الدنيا عافية وفي الآخرة عافية .

دليل هذا التأويل ما روى حميد عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً قد صار مثل الفرخ المنتوف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كنت تدعوا له بشيء أو تسأله شيئاً ؟ قال : كنت أقول اللّهمّ [ ما كنت معاتبي ] به في الآخرة فعجّله لي في الدنيا . فقال : سبحان الله إذاً لا تستطيعه ولا تطيقه فهلاّ قلت : اللّهمّ ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار " .

فدعا الله بها فشفاه الله .

سهل بن عبدالله : في الدنيا حسنة السنّة وفي الآخرة حسنة الجنّة .

المسيب عن عوف في هذه الآية قال : من آتاه الله الإسلام والقرآن وأهلاً ومالاً وولداً فقد أولى في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة .

حماد عن ثابت إنّهم قالوا لأنس بن مالك : إدع الله لنا ، فقال : اللّهمّ ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

قالوا : زدنا ، فأعادها ، قالوا : زدنا ، قال : ما تريدون قد سألت الله تعالى لكم خير الدنيا والآخرة .

قال أنس : " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يدعو بها اللّهمّ ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار " .

سفيان الثوري في هذه الآية : في الدنيا حسنة الرزق الطيب والعلم ، وفي الآخرة حسنة الجنّة .

مجاهد عن ابن عبّاس قال : عند الركن اليماني ملك قائم منذ خلق الله السماوات والأرض يقول آمين ، فقولوا : ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

وقال ابن جريج : بلغني إنه كان يؤمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في الوقف : اللّهمّ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .