محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَنِ ٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقۡذِفِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ فَلۡيُلۡقِهِ ٱلۡيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأۡخُذۡهُ عَدُوّٞ لِّي وَعَدُوّٞ لَّهُۥۚ وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةٗ مِّنِّي وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَيۡنِيٓ} (39)

{ إِذْ أَوْحَيْنَا } أي ألقينا بطريق الإلهام { إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ } أي الصندوق { فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ } أي البحر ، متوكلة على خالقه { فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي } لدعواه الألوهية { وَعَدُوٌّ لَّهُ } لدعوته إلى نبذ ما يدعيه .

قال الزمخشري : لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته – أن لا تخطئ جرية اليم ، الوصول به إلى الساحل ، وإلقائه إليه – سلك في ذلك سبيل المجاز . وجعل اليم كأنه ذو تمييز أمر بذلك ، ليطيع الأمر ويمتثل رسمه . فقيل : { فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ } أي على سبيل الاستعارة بالكناية . بتشبيه اليم بمأمور منقاد . وإثبات الأمر تخييل وقوله تعالى : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } أي : واقعة مني ، زرعتها في قلب من يراك . ولذلك أحبك فرعون { وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي } أي ولتربى بيد العدو على نظري بالحفظ والعناية .

ف { عَلَى عَيْنِي } استعارة تمثيلية للحفظ والصون ، لأن المصون يجعل بمرأى . قيل : و { على } بمعنى الباء لأنه بمعنى بمرأى مني ، في الأصل .