محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَأَصۡحَٰبُ مَدۡيَنَۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰۖ فَأَمۡلَيۡتُ لِلۡكَٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ} (44)

{ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ } وهم قوم شعيب { وَكُذِّبَ مُوسَى } وإنما لم يقل ( وقوم موسى ) كسابقه ، لأن موسى ما كذبه قومه بنو إسرائيل ، وإنما كذبه غير قومه وهم القبط . وفيه شيء آخر كأنه قيل ، بعدما ذكر تكذيب كل قوم رسولهم { وَكُذِّبَ مُوسَى } مع وضوح آياته وعظم معجزاته ، فما ظنك بغيره ؟ أفاده الزمخشري .

قال الناصر : ويحتمل عندي ، والله أعلم ، أنه لما صدر الكلام بحكاية تكذيبهم ، ثم عدد أصناف المكذبين وطوائفهم ، ولم ينته إلى موسى إلا بعد طول الكلام ، حسن تكريره ليلي قوله : { فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } فيتصل المسبب بالسبب ، كما قال في آية ( ق ) بعد تعديدهم {[5547]} : { كل كذب الرسل فحق وعيد } فربط العقاب والوعيد ، ووصلهما بالتكذيب ، بعد أن جدد ذكره . والله أعلم .

وإيراد من زعم بأن موسى كذبه قومه بعبادة العجل ، إيراد من لم يفهم معنى التكذيب الذي هو رد دعوة النبي وعدم الإيمان به والإصرار على الكفر بوحيه ، والقيام في وجهه وصد الناس عن اتباعه . وما وقع من قوم موسى هو تخليط ، وخطأ اجتهاد ، وتعنت ولجاج مع الاستظلال بظل دعوته ، والانتظام في سلك إجابته . وقوله تعالى : { فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } أي أمهلتهم { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ } أي بالعقوبة { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي إنكاري عليهم بالإهلاك .


[5547]:(50 ق 14).